للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - أن القرآن مبني بعضه على بعض فيُجعل مفَرَّقُه كالمتصل فإذا قال: اجلدوا الزناة مائة جلدة والأمة على النصف من ذلك وجب إعمال الخصوص، فكذلك إذا كان النصان متفرقين (١).

٣ - أن وقوع التخصيص في الشرع أغلب من النسخ، فكان الحمل على التخصيص أولى؛ لأنه حمل له على الأغلب (٢).

وإذا قيل: فما الحكمة من تخصيص الأمة بالنصف من العذاب؟.

فقد قال القرطبي: (والفائدة في نقصان حدهن: أنهن أضعف من الحرائر، ويقال: إنهن لا يصلن إلى مرادهن كما تصل الحرائر، وقيل: لأن العقوبة تجب على قدر النعمة ألا ترى أن الله تعالى قال لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب:٣٠]، فلما كانت نعمتهن أكثر جعل عقوبتهن أشد، وكذلك الإماء لما كانت نعمتهن أقل فعقوبتهن أقل) (٣). والله أعلم.

قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)} [النور:٤ - ٥].

١٠٦/ ٢ - قال ابن عقيل: (إن الاستثناء يعود إلى جميعها، فكأنه يقول بمقتضى الظاهر: فلا تجلدوهم، واقبلوا شهادتهم، ولا تفسقوهم، إلا أن الحد استوفي بدليل انفرد به اهـ) (٤).

الدراسة:

أشار ابن عقيل في كلامه إلى مسألتين:

المسألة الأولى:


(١) ينظر: الواضح ٣/ ٤٣٧.
(٢) ينظر: الإحكام للآمدي ٢/ ٣١٨.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ٥/ ١٤٥.
(٤) الواضح ٣/ ٤٩٠، وينظر: الفنون ٢/ ٥٧٣.

<<  <   >  >>