للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الاستثناء إذا تعقب جملاً هل يعود إليها جميعاً، أم إلى الجملة الأخيرة؟

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أن الاستثناء إذا تعقب جملاً قد عطف بعضها على بعض وصلح عوده إلى كل منها فإنه يعود إلى جميعها إلا أن يرد دليل بخلافه، وهو قول الشافعية (١)، والمالكية (٢)، والحنابلة (٣).

واستدلوا بأدلة منها:

١ - أن الشرط يعود إلى جميع ما تقدم ذكره؛ لأنه لو قال: نساؤه طوالق وعبيده أحرار وماله صدقة إن شاء زيد لم يقع شيء من ذلك قبل مشيئته، وكان الشرط بنفسه راجعاً إلى الجميع، فكذلك الاستثناء؛ لأن الاستثناء لا يستقل بنفسه، بل هو متعلق بما قبله من الكلام، ويجب أن يكون متصلاً به، وإذا انفصل سقط حكمه، والشرط بمثابته في ذلك، فكانا سواء (٤)، والاستثناء والشرط متحدان من حيث المعنى لأن قوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور:٤ - ٥] جار مجرى: (وأولئك هم الفاسقون إن لم يتوبوا) (٥). قال أبو حيان: (اختار ابن مالك أن يعود إلى الجمل كلها كالشرط) (٦).

٢ - وقالوا: إن حمل الاستثناء على كل الجمل لا طريق له إلا بذكر الاستثناء عقيب الجملة الأخيرة، وإلا صار في الكلام عيّاً (٧)، فيصير رجوع الاستثناء إلى الجمل جميعاً هو الأصل ما لم يوجد مانع (٨).


(١) ينظر: المنخول ص ٢٣٥، الإحكام للآمدي ٢/ ٢٧٩.
(٢) ينظر: أحكام القرآن لابن العربي ٣/ ٣٤٨.
(٣) ينظر: العدة ٢/ ٦٧٨، الصعقة الغضية في الرد على منكري العربية للطوفي ص ٥٩٩.
(٤) ينظر: العدة ٢/ ٦٨٠، المحصول ٣/ ٤٦.
(٥) ينظر: المسودة ١/ ٣٥٦.
(٦) البحر المحيط ٦/ ٤٣٣، شرح التسهيل ٢/ ١٧٥.
(٧) ذكره الموفق باتفاقهم، ينظر: روضة الناظر ٢/ ١٨٧، الإحكام للآمدي ٢/ ٣٠٢، شرح الكوكب المنير ٣/ ٣٢٢.
(٨) ينظر: المحصول ٣/ ٤٧.

<<  <   >  >>