للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فذهب الجمهور - الحنفية والشافعية والحنابلة - إلى أن عقد الرهن لا يلزم إلا بالقبض؛ للآية التي معنا. فلو لزم عقد الرهن بدون قبض لما كان للتقييد به في الآية فائدة (١).

وقال المالكية: يلزم الرهن بالعقد، ثم يجبر الراهن على التسليم للمرتهن، وعمدة مالك: قياس الرهن على سائر العقود اللازمة بالقول كالبيع؛ لقوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة:١]، والرهن عقد (٢)، ووافقه أحمد في غير المكيل والموزون في رواية ليست هي المذهب (٣).

والقول الأول أقرب للصواب؛ لأن في البيع والعقود اللازمة معاوضة فتلزم بالعقد، والرهن عقد إرفاق يفتقر إلى القبول، فافتقر إلى القبض كالقرض، والصدقة، وهو أشبه بالهبة والتبرع إذ الراهن لا يستحق في مقابله شيء على المرتهن، والإمضاء فيها يكون بالقبض، والرهن الذي لم يقبض لا يلزم إقباضه، كما لو مات الراهن، وقد وصف الله الرهن بكونه مقبوضاً في الآية فيقتضي اشتراطه وعدم لزوم الرهن إلا بالقبض. والله تعالى أعلم.

ومن ثمرات المسألة:

١ - أنه لو تعاقد الراهن والمرتهن على أن يكون الرهن في يد الراهن، لم يصح الرهن (٤).

٢ - أن الرهن الذي لم يقبض لا يلزم إقباضه، كما لو مات الراهن فلا يلزم الورثة تسليم الرهن.


(١) ينظر: النكت والعيون ١/ ٣٥٩، بدائع الصنائع ٨/ ١٤٥، المجموع ١٢/ ٢٩٩، زاد المسير ١/ ٢٨٠، المغني ٦/ ٤٤٥، وهو قول ابن حزم في المحلى ٨/ ٢٣٠.
(٢) ينظر: بداية المجتهد ص ٦١٩، أحكام القرآن لابن العربي ١/ ٣٤٣، المغني ٦/ ٤٤٦، الجامع لأحكام القرآن ٣/ ٢٦٥.
(٣) الكافي في فقه الإمام أحمد ٢/ ٧٤.
(٤) بدائع الصنائع ٨/ ١٤٨.

<<  <   >  >>