للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدراسة:

أشار ابن عقيل في كلامه إلى أن النكاح حقيقة في الوطء، واستدل بأنه يستعمل في موضع لا يجوز فيه العقد، وهذه مسألة طال الأخذ فيها والرد، وإذا أمعنا النظر في استعمالاته في القرآن وجدنا أنه استعمل على معان منها: معنى العقد، كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب:٤٩]، وعلى معنى الوطء، كقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة:٢٣٠].

قال الفيروزابادي: (النكاح: الوطء، وقد يكون العقد) (١)، وبهذا يظهر لنا استعمال اللفظ في كلا المعنيين، والوسيلة للتفريق بين المراد هو سياق الكلام.

وأما المعنى المراد به في الآية التي معنا:

فهو العقد، والدليل على ذلك: اتفاق العلماء على أنه بمجرد عقد الأب تحرم على الابن.

قال ابن كثير: (يحرم الله تعالى زوجات الآباء تكرمة لهم وإعظاماً واحتراماً أن توطأ من بعده حتى إنها لتحرم على الابن بمجرد العقد عليها، وهذا أمر مجمع عليه) (٢).

وقال الشنقيطي: (وقد أجمع العلماء على أن من عقد عليها الأب حرمت على ابنه وإن لم يمسها الأب، وكذلك عقد الابن محرم على الأب إجماعاً وإن لم يمسها) (٣). والله أعلم.


(١) بصائر ذوي التمييز ٥/ ١١٨.
(٢) تفسير ابن كثير ٢/ ٨٧٥.
(٣) أضواء البيان ١/ ١٩٤.

<<  <   >  >>