للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الرازي: (والحدث نوعان: الأصغر وهو المراد بقوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء:٤٣]، ولو حملنا قوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء:٤٣] على الحدث الأصغر لما بقي للحدث الأكبر ذكر في الآية، فوجب حمله على الحدث الأكبر) (١).

وما استدل به أصحاب القول الأول من أن معنى اللمس هو مجرد المس فلا ننكر هذا بل هو المعنى الحقيقي، ولكن نقول: إن المقام محفوف بالقرائن التي ترجح حمله على الجماع (٢).

وأما الحديث فضعيف (٣)، وأصله في الصحيحين وليس فيه الأمر بالوضوء.

المسألة الثانية:

ذكر ابن عقيل قاعدة في التفسير: (كل معنيين جاز إرادتهما بلفظ يصلح لهما فهما كالمعنيين المتفقين).

ويترتب على هذه القاعدة ما ذكره ابن العربي في هذه الآية: (قلنا: لا يمنع حمل اللفظ على الجماع واللمس، ويفيد الحكمين) (٤).

وهذا غير مسلم به، فالقاعدة صحيحة لكن بقي لها قيد، وهو: عدم وجود مانع من جواز حمل اللفظ على المعنيين (٥)، وقد وجد الصارف في مسألتنا هذه عن حمله على معنى اللمس، وهو الحديث السابق، وحديث عائشة قالت: (كنت أنام بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجليّ، فإذا قام بسطتهما) (٦). والله أعلم.


(١) التفسير الكبير ١٠/ ٩١.
(٢) ينظر: نيل الأوطار ١/ ١٧٩.
(٣) ضعف إسناده العلماء، ومنهم الألباني في ضعيف سنن الترمذي ص ٣٨٣.
(٤) أحكام القرآن ١/ ٥٦٤.
(٥) ينظر في هذه المسألة: شرح الكوكب المنير ٣/ ١٨٩، مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٤٠، زاد المعاد ٥/ ٦٠٦، فقد ذكر وجوهاً لفساد القول بالقاعدة على الإطلاق، التحرير والتنوير ١/ ٩٨، قواعد التفسير ٢/ ٨١٩.
(٦) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة باب الصلاة على الفراش (٣٨٢)، ومسلم في كتاب الصلاة باب الاعتراض بين يدي المصلي (٥١٢).

<<  <   >  >>