للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الاستدلال بهذه الآية: على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - له حق الاجتهاد في الحكم بين الناس، وهذه المسألة قد سبق الحديث عنها عند قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران:١٥٩] (١).

المسألة الثانية:

أن اسم الرأي يدخل فيه ما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - من النص، وما اجتهد في استنباطه منه، لكن لفظة الرأي أقرب إلى الاجتهاد في الاستنباط المطلق من الاجتهاد المقيد بالنصوص، وهذا مما يقوي ما قاله ابن عقيل.

فقوله {أَرَاكَ} في الآية أقرب في المعنى إلى الاستنباط والاجتهاد من الاقتصار على النص مع إفادته للمعنيين (٢).

قال الكيا الهراسي (٣): (يحتمل الوحي والاجتهاد جميعاً) (٤).

وقال ابن عطية: (وقوله تعالى: {بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} معناه: على قوانين الشرع؛ إما بوحي ونص، أو بنظر جار على سنن الوحي) (٥).

وقال القرطبي: (وهذا أصل في القياس وهو يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى شيئاً أصاب؛ لأن الله تعالى أراه ذلك، وقد ضمن الله تعالى لأنبيائه العصمة، فأما أحدنا إذا رأى شيئاً يظنه فلا قطع فيما رآه، ولم يُرِد رؤية العين هنا لأن الحكم لا يُرى) (٦).


(١) ينظر: ص ١٥٩.
(٢) ينظر: النكت والعيون ١/ ٥٢٨، زاد المسير ٢/ ١١٤.
(٣) هو أبو الحسن علي بن محمد الطبري الشافعي، المعروف بالكياالهراسي، تفقه على الإمام الجويني، وتأثر به، مات سنة ٥٠٤ هـ، له ترجمة في: سير أعلام النبلاء ١٩/ ٣٥٠، شذرات الذهب ٤/ ٨.
(٤) أحكام القرآن ١/ ٤٩٨.
(٥) المحرر الوجيز ٢/ ١٠٨، وينظر: فتح القدير ١/ ٦٤٦.
(٦) الجامع لأحكام القرآن ٥/ ٣٧٦.

<<  <   >  >>