للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الجصاص: (قال قتادة: (عوقبوا على ظلمهم وبغيهم بتحريم أشياء عليهم)، وفي ذلك دليل على جواز تغليظ المحنة عليهم، بالتحريم الشرعي عقوبة لهم على ظلمهم؛ لأن الله تعالى قد أخبر في هذه الآية أنه حرم عليهم طيبات بظلمهم وصدهم عن سبيل الله؛ والذي حرم عليهم ما بينه تعالى في قوله: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (١٤٦)} [الأنعام:١٤٦]) (١).

وقال القرطبي: ({ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ} [الأنعام:١٤٦]، أي: بظلمهم عقوبة لهم لقتلهم الأنبياء، وصدهم عن سبيل الله، وأخذهم الربا، واستحلالهم أموال الناس بالباطل، وفي هذا دليل على أن التحريم إنما يكون بذنب؛ لأنه ضيق فلا يعدل عن السعة إليه إلا عند المؤاخذة) (٢).

وطريق التحريم الشرعي هو نسخ الحل، وقد انقطع بعد زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

المسألة الثانية: التحذير من الوقوع في الظلم مما يكون سبباً للتحريم الكوني بالفقر أو المرض وهذا من العقوبات العاجلة، أضف إلى ذلك أن عقوبة الظلم بأنواعه ظلمات يوم القيامة، وهذه من اللطائف التي ينبغي أن لا يغفل عنها المفسرون، ليكون للتفسير تأثير في القلب والقالب.


(١) أحكام القرآن ٢/ ٣٦٦.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ٧/ ١٢٧، وينظر: ٦/ ١٢.

<<  <   >  >>