للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهب بعض العلماء إلى استحباب السكوت وعدم الخوض فيما أخفاه الله من أمر الجزاء والحساب لهؤلاء الأطفال والمجانين؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: " ما من مولود إلا يولد على الفطرة؛ فأبواه يهودانه وينصرانه ... قالوا يا رسول الله: أفرأيت من يموت وهو صغير؟ قال: " الله أعلم بما كانوا عاملين " (١).

قال الغزنوي (٢): (فإذا اختلف الناس فيهم فالسكوت أولى، فهم في مشيئة الله تعالى) (٣).

المسألة الثانية: في الآية دليل على قطع حجة المتعلقين في التكاليف بالأقدار، وأنه لا حجة لمكلف بعد بلوغ الرسالة إليه، وهذا مما اتفق عليه أهل السنة والجماعة.

قال ابن تيمية: (فإن الاحتجاج به - أي القدر - باطل باتفاق أهل الملل وذوي العقول، وإنما يَحْتج به على القبائح والمظالم من هو متناقض القول متبع لهواه، كما قال بعض العلماء: أنت عند الطاعة قدري، وعند المعصية جبري؛ أيُّ مذهب وافق هواك تمذهبت به، ولو كان القدر حجة لفاعل الفواحش والمظالم، لم يحسن أن يلوم أحد أحداً، ولا يعاقب أحد أحداً، فكان للإنسان أن يفعل في دم غيره وماله وأهله ما يشتهيه من المظالم والقبائح؛ ويحتج بأن ذلك مقدر عليه) (٤).


(١) أخرجه البخاري في كتاب القدر باب الله أعلم بما كانوا عاملين (٦٥٩٩ - ٦٦٠٠)، ومسلم في كتاب القدر باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين (٢٦٥٨) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) هو أحمد بن محمد بن محمود الغزنوي الكاشاني الحنفي، فقيه أصولي، من مصنفاته: أصول الدين، مات سنة ٥٩٣ هـ، له ترجمة في: الأعلام ١/ ٢١٧، معجم المؤلفين ٢/ ١٥٦.
(٣) أصول الدين ص ٢١٠.
(٤) منهاج السنة ٣/ ٢٣.

<<  <   >  >>