للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن تيمية: (وهذا ونحوه يتضمن اعترافه بأنه عبد الله، ورسول من الله لا يتعدى حد الرسالة، ولا يدعي المشاركة في الألوهية كما ادعته النصارى في المسيح، ولهذا قال تعالى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ} [المائدة:٧٥]، فتبين أنه لا يتعدى حد الرسالة وهو كقوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران:١٤٤]. ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق على صحته: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله " (١)) (٢).

وقال أيضاً: (فذكر سبحانه وتعالى: أنهما كانا يأكلان الطعام؛ لأن ذلك من أظهر الأدلة على أنهما مخلوقان مربوبان، إذ الخالق أحد صمد لا يأكل ولا يشرب، وذكر مريم مع المسيح لأن من النصارى من اتخذها إلها آخر فعبدها كما عبد المسيح) (٣).

وقال ابن القيم: (وقد تضمنت هذه الحجة دليلين ببطلان إلهية المسيح وأمه:

أحدهما: حاجتهما إلى الطعام والشراب، وضعف بنيتهما عن القيام بنفسهما، بل هي محتاجة فيما يقيمها إلى الغذاء والشراب، والمحتاج إلى غيره لا يكون إلهاً، إذ من لوازم الإله أن يكون غنياً.


(١) أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} [مريم:١٦] (٣٤٤٥) من حديث عمر - رضي الله عنه -، وتفرد به البخاري عن مسلم، ينظر: المعجم المفهرس ٣/ ٥٤٣.
(٢) الجواب الصحيح ٣/ ١٥٨.
(٣) الجواب الصحيح ٤/ ٢٥٥، وينظر: مجموع الفتاوى ٣/ ٨٦.

<<  <   >  >>