للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال شيخ الإسلام: (والأفول باتفاق أهل اللغة والتفسير: هو الغيب والاحتجاب؛ بل هذا معلوم بالاضطرار من لغة العرب التي نزل بها القرآن، وهو المراد باتفاق العلماء. فلم يقل إبراهيم: لا أحب الآفلين إلا حين أفل وغاب عن الأبصار فلم يبق مرئياً ولا مشهوداً فحينئذ قال: لا أحب الآفلين. وهذا يقتضي أن كونه متحركاً متنقلاً تقوم به الحوادث؛ بل كونه جسماً متحيزاً تقوم به الحوادث لم يكن دليلاً عند إبراهيم على نفي محبته، فإن كان إبراهيم إنما استدل بالأفول على أنه ليس رب العالمين - كما زعموا -: لزم من ذلك أن يكون ما يقوم به الأفول - من كونه متحركاً منتقلاً - تحله الحوادث؛ بل ومن كونه جسماً متحيزاً: لم يكن دليلاً عند إبراهيم على أنه ليس رب العالمين، وحينئذ فيلزم أن تكون قصة إبراهيم حجة على نقيض مطلوبهم؛ لا على تعيين مطلوبهم، وهكذا أهل البدع لا يكادون يحتجون بحجة سمعية ولا عقلية إلا وهي عند التأمل حجة عليهم؛ لا لهم) (١).

٣ - كل الآيات التي جاء فيها إثبات الإتيان والمجيء.

فالمزيل للاشتباه صريح كالشمس، وقد ذكر ابن عقيل عدداً من الآيات في ذلك تثبت الإتيان والمجيء صراحة لله تعالى مما لا يقبل التأويل (٢).

قال ابن القيم: (قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} [الأنعام:١٥٨]، لما ذكر إتيانه سبحانه ربما توهم متوهم: أن المراد إتيان بعض آياته أزال هذا الوهم، ورفع الإشكال بقوله: {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام:١٥٨]، فصار الكلام مع هذا التقسيم والتنويع نصاً صريحاً في معناه لا يحتمل) (٣). والله أعلم.


(١) مجوع الفتاوى ٦/ ٢٥٤، ٥/ ٥٤٧.
(٢) ينظر: شرح العقيدة الواسطية لهراس ص ١١٣.
(٣) الصواعق المرسلة ١/ ٣٩٥، وينظر: ٣/ ١١١٠.

<<  <   >  >>