للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويبطل أيضاً: بأن الله قد أمر الكفار بالإيمان، ولم يختلف في تكليفهم الإيمان اثنان، ولا فصّل أحد من الأئمة، فقال: إن المعلوم إيمانه هو المأمور به دون من عُلم أنه لا يؤمن، والقول المخالف للإجماع لا يلتفت إليه (١).

ويتضح هذا إذا عرفنا أن مذهب السلف أن أوامر الله تنقسم إلى كونية وشرعية، وأن الأوامر الشرعية قد تقع وقد لا تقع.

قال ابن القيم: (فصل وههنا أمر يجب التنبيه عليه والتنبه له وبمعرفته تزول إشكالات كثيرة تعرض لمن لم يحط به علماً، وهو أن الله سبحانه له الخلق والأمر، وأمره سبحانه نوعان: أمر كوني قدري، وأمر ديني شرعي؛ فمشيئته سبحانه متعلقة بخلقه وأمره الكوني وكذلك تتعلق بما يحب وبما يكرهه كله داخل تحت مشيئته، كما خلق إبليس وهو يبغضه وخلق الشياطين والكفار والأعيان والأفعال المسخوطة له وهو يبغضها، فمشيئته سبحانه شاملة لذلك كله، وأما محبته ورضاه فمتعلقة بأمره الديني وشرعه الذي شرعه على ألسنة رسله، فما وجد منه تعلقت به المحبة والمشيئة جميعاً، فهو محبوب للرب واقع بمشيئته كطاعات الملائكة والأنبياء والمؤمنين، وما لم يوجد منه تعلقت به محبته وأمره الديني ولم تتعلق به مشيئته، وما وجد من الكفر والفسوق والمعاصي تعلقت به مشيئته ولم تتعلق به محبته ولا رضاه ولا أمره الديني، وما لم يوجد منها لم تتعلق به مشيئته ولا محبته) (٢). والله أعلم.

قال تعالى: {قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (١٥)} [الأعراف:١٥].


(١) ينظر: الواضح ٣/ ١٨٨.
(٢) شفاء العليل ص ٤٧.

<<  <   >  >>