للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدراسة:

أشار ابن عقيل إلى أن معنى الإعطاء في الآية الالتزام بإعطاء الجزية، والنزول على حكم المسلمين، وهذان هما الشرطان لجواز عقد الذمة (١)، وذلك للإجماع بأن القتل يرتفع عنهم بعد الالتزام وقبل العطاء، ولأن العطاء يكون في آخر الحول باتفاق (٢)، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث بريدة - رضي الله عنه -: " فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم " (٣).

قال ابن قدامة: (ولا تعتبر حقيقة الإعطاء، ولا جريان الأحكام، لأن إعطاء الجزية إنما يكون في آخر الحول، والكف عنهم في ابتدائه عند البذل. والمراد بقوله: {حَتَّى يُعْطُوا} [التوبة:٢٩] أي يلتزموا الإعطاء، ويجيبوا إلى بذله، كقول الله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة:٥]، والمراد به: التزام ذلك دون حقيقته، فإن الزكاة إنما يجب أداؤها عند الحول) (٤). والله أعلم.

قال تعالى: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (٣٥)} [التوبة:٣٥].


(١) ينظر: المغني ١٣/ ٢٠٧، المجموع ٢١/ ٣٢٩.
(٢) نقل الاتفاق ابن رشد في بداية المجتهد ص ٣٣٢، وينظر: المجموع ٢١/ ٣٠٢.
(٣) أخرجه مسلم في كتاب السير باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث .. (١٧٣١).
(٤) المغني ١٣/ ٢٠٧، وينظر في هذه المسألة: المدونة ١/ ٥٢٩، بدائع الصنائع ٩/ ٤٢٦، المجموع ٢١/ ٣٢٩، ومن التفاسير: أحكام القرآن ١/ ١٥٦، الجامع لأحكام القرآن ٨/ ١١٠، زاد المسير ٣/ ٣١٧، تفسير ابن كثير ٤/ ١٦٤٣.

<<  <   >  >>