للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - من لا يعلم: إلى سؤال من يعلم، فقال في حديث صاحب الشجة: " ألا سألوا إذ لم يعلموا، إنما شفاء العِيِّ السؤال " (١).

وأجمع الصحابة والتابعون - رضي الله عنهم - على عدم تكليف العامة الاجتهاد في الفروع، ولم ينكروا على عامي اتبع مفتياً سواء ذكر له الدليل أو لم يذكره (٢).

هذا ما ذَكَرت كتب الأصول، ولكن نجد في المقابل قول الشوكاني، الذي جعل عدم جواز التقليد للعامي قول الجمهور، ونقل دعوى ابن حزم الإجماع عليه (٣)، وقال في إجماع الصحابة إن سؤال العالم ليفتيه بالنصوص ليس تقليداً، بل هو من طلب حكم الله في المسألة، والتقليد هو العمل بالرأي، ورد على الاستدلال بالآية التي معنا: بأن الآية غير عامة، ولو سلم بالعموم، فالمراد السؤال عن حكم الله لا حكم الرجال (٤).

وكل هذا غير مسلم، فقد سبقه من حكى رأي الجمهور، واستدل له ونقله، وسؤال العامي للمفتي هو عين التقليد لأن المجتهد لا يفتي إلا مستنداً لدليل نصاً أو استنباطاً، فالمقلد يسأل عن حكم الله، والمفتي يستنبط الحكم من نصوص الشرع، وهو حكم الله في حقه وحق من اتبعه.

وأدلة من حرم التقليد لا تنهض للاستدلال في المسألة المختلف فيها، ويحمل أكثرها على تحريم التقليد المذموم الخارج من محل النزاع (٥).


(١) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة باب في تيمم المجروح (٣٣٦) من حديث جابر - رضي الله عنه -، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود ١/ ٦٨.
(٢) ينظر: روضة الناظر ٢/ ٤٥١، شرح مختصر روضة الناظر ٣/ ٦٥٢.
(٣) ولعل هذا في التقليد المذموم، ينظر: أضواء البيان ٥/ ٩٢.
(٤) ينظر: إرشاد الفحول ١/ ٣٣٣، فتح القدير ٣/ ٤٩٤.
(٥) ينظر: مجموع الفتاوى ٢٠/ ١٥، معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة ص ٤٩٦.

<<  <   >  >>