للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال السعدي: (من أكره على الكفر، وأجبر عليه، وقلبه مطمئن بالإيمان؛ راغب فيه، فإنه لا حرج عليه، ولا إثم، ويجوز له النطق بكلمة الكفر عند الإكراه عليها) (١).

وحكى القرطبي قولاً آخر ورده فقال: (غير محمد بن الحسن فإنه قال: إذا أظهر المرء الشرك كان مرتداً في الظاهر، وفيما بينه وبين الله تعالى على الإسلام، وتَبِين منه امرأته، ولا يصلَّى عليه إن مات، ولا يرث أباه إن مات مسلماً، وهذا قول يرده الكتاب والسنة، قال الله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ} الآية [النحل:١٠٦]، وقال: {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران:٢٨]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ} الآية [النساء:٩٧]، وقال: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} الآية [النساء:٩٨]، فعذر الله المستضعفين الذين يمتنعون من ترك ما أمر الله به، والمكره لا يكون إلا مستضعفاً غير ممتنع من فعل ما أمر به؛ قاله البخاري) (٢).

كل هذا مما يرجح لنا أن المكره معذور فيما يكون عليه الإكراه، وهو القول والفعل، أما العقيدة القلبية فلا يتصور الإكراه فيها (٣). والله أعلم.


(١) تفسير السعدي ٤/ ٢٤٥.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ١٨٢، وينظر: صحيح البخاري كتاب الإكراه وتضمنت ترجمته ذكر الأدلة على العذر بالإكراه، والعذر للمستضعفين، والمكره لا يكون إلا مستضعفاً ص ١٤٥٧.
(٣) ينظر: التسهيل ١/ ٤٧٥، مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب ١/ ٢١٧.

<<  <   >  >>