للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا هو ما عليه عامة العلماء؛ فزيادة الفرح عن حده المعقول يؤدي إلى ا لكبر والفخر والخيلاء والأشر والبطر (١).

فمشية المارح دليل على كبره وخيلائه لما فيها من تمايل وتبختر.

قال الرازي: (المرح: شدة الفرح، يقال: مرَحَ يمْرَح مَرَحاً فهو مَرِح، والمراد من الآية: النهي عن أن يمشي الإنسان مشياً يدل على الكبرياء والعظمة) (٢).

وأما استدلال ابن عقيل في هذه الآية على ذم الرقص، فهو من اللطائف التي لم أجد من نص عليها ممن سبق ابن عقيل، وهذا الاستدلال في محله؛ فإن المتأمل للرقص يرى أنه بسبب الفرح الزائد عن حده، وهذا هو ما تدل عليه أصل كلمة المرح، فاستنبط ابن عقيل حالة يقع فيها من زاد فرحه وهي الرقص؛ فيكون في الآية النص في النهي عما هو من وسائل الرقص، والنهي عن الوسيلة نهي عما توصل إليه من باب أولى.

وقد نقل هذه اللفتة الإمام القرطبيُّ عن ابن عقيل مؤيِّداً لها حيث قال: (والرقص أشد المرح والبطر) (٣).

وقال الشنقيطي: (واستدل بعض أهل العلم بقوله تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [الإسراء:٣٧] على منع الرقص وتعاطيه؛ لأن فاعله ممن يمشي مرحاً) (٤).

فائدة:

سئل الشيخ محمد بن عثيمين عن حكم رقص المرأة على الدف؟.

فأجاب بقوله: (الرقص مكروه ولا سيما إذا كان يخشى منه فتنة؛ لأنه أحياناً تكون الراقصة شابة جميلة، ويثير رقصها الشهوة حتى عند النساء) (٥).

وإذا كان هذا في حق المرأة، فالكراهة في حق الرجال أكبر وأشد. والله أعلم.


(١) ينظر: معالم التنزيل ٣/ ٩٥، التسهيل ١/ ٤٨٧، الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٢٦٠، تفسير ابن كثير ٥/ ٢٠٩١.
(٢) التفسير الكبير ٢٠/ ١٦٩.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٠/ ٢٦٣.
(٤) أضواء البيان ٢/ ٣١٠.
(٥) لقاءات الباب المفتوح ١/ ٥٨٠.

<<  <   >  >>