للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال النحاس: (وذهب بعض أهل اللغة: إلى أن حروف الخفض يبدل بعضها من بعض، واحتجوا بقوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه:٧١]، قالوا معنى: [في] معنى: [على]، وهذا القول عند أهل النظر لا يصح؛ لأن لكل حرف معناه، وإنما يتفق الحرفان لتقارب المعنى، فقوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه:٧١]، كان الجذع مشتملاً على من صلب، ولهذا دخلت [في]؛ لأنه قد صار بمنزلة الظرف) (١).

وهذا الذي ذكره النحاس معنى دقيق، وهو أن الحرفين لا يتفقان في المعنى اتفاقاً كلياً، بحيث إن لفظ [في] هو معنى [على] سواء بسواء، وإنما يتقاربان في المعنى فيفيد استعمال أحدهما في موضع الآخر معنى زائداً عن استعمال كل منهما في موضعه (٢).

ولذا قال الرازي: (ثم قال: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه:٧١]، فشبه تمكن المصلوب في الجذع بتمكن الشيء الموعى في وعائه، فلذلك قال: {فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}، والذي يقال في المشهور: أن [في] بمعنى [على] فضعيف) (٣).

والقول بأن القولين يجتمعان هو القول الصحيح، وأن [في] تأتي بمعنى [على]، و يفيد هذا الاستعمال معنى زائداً يدل عليه سياق الكلام، ولا ينافي استقلال كل منهما بمعناه.

قال أبو السعود: ({وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه:٧١]، أي: عليها، وإيثار كلمة [في] للدلالة على إبقائهم عليها زماناً مديداً، تشبيهاً لاستمرارهم عليها باستقرار المظروف في الظرف المشتمل عليه) (٤).


(١) معاني القرآن ١/ ٤٠٥.
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى ١٦/ ١٠١.
(٣) التفسير الكبير ٢٢/ ٧٦.
(٤) تفسير أبي السعود ٤/ ٢٩٥، وينظر: روح المعاني ١٦/ ٢٣١.

<<  <   >  >>