للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤ - أن يكون الجمع على سبيل التفخيم والتعظيم، كما قال تعالى: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨)} [الأنبياء:٧٨]، وهو واحد سبحانه لا شريك له، وقال: {مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} [النور:٢٦]، وأراد به عائشة رضي الله عنها وصفوان بن المعطل (١)، قال ابن العربي: (قد ينطلق لفظ الجماعة على الواحد، تقول العرب: نحن فعلنا، وتريد القائل لنفسه خاصة) (٢). وإذا دخل الدليل الاحتمال بطل فيه الاستدلال.

ثانياً: على فرض صحة الدلالة لما جاء في بعض النصوص من إطلاق الجمع على الاثنين؛ فإنما هو بدلالة أخرى غير اللفظ؛ ولو كان الاثنان جمعاً في اللغة لما احتاج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيان جماعة الصلاة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " اثنان فما فوقهما جماعة " (٣)، وإنما حُجبت الأم بالأخوين مع أن نص الآية: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء:١١] لإجماع الصحابة على ذلك (٤).

وأيضاً فإن أهل اللغة فرقوا بين الواحد والاثنين والجمع فقالوا: رجل ورجلان ورجال، وجعلوا للإفراد باباً، وللتثنية باباً، وللجمع باباً، ولو كان الاثنين جمعاً كالثلاثة، لقالوا في الاثنين: رجال، كما قالوا: رجال في الثلاثة (٥).

فإذا قامت الدلالة على إرادة الاثنين بلفظ الجمع فلا خلاف في قبول ذلك عند الجميع، وإذا كان اللفظ بالجمع المطلق فالأكثر على أن المراد الثلاثة فما فوقها.


(١) ينظر: تأويل مشكل القرآن ص ١٧٣.
(٢) أحكام القرآن ١/ ٤٤١، البرهان ٤/ ٣٢.
(٣) سبق تخريجه، ينظر: ص ١٧٤.
(٤) ينظر: العدة ٢/ ٦٥١.
(٥) ينظر: ضياء السالك ١/ ٥٧.

<<  <   >  >>