للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤ - أنه لا يوجد مانع في هذه الآية من رجوع الاستثناء إلى كل ما تقدمه إلا جملة الحد، فإن الدليل منع رجوع الاستثناء إليه، وهو أن حد القذف يسقط بالبينة لا بالتوبة بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - للذي قذف امرأته: " البينة وإلا حَدٌّ في ظهرك " (١)، ولو كان يسقط بالتوبة لأمره بها لأنها أسهل من البينة.

٥ - أن قول الحنفية في الآية: يلزم رفع الفسق عن القاذف بالتوبة وعدم قبول شهادته غير صحيح؛ لأن التائب عادل، وشهادة العادل مقبولة؛ ولأن رد الشهادة مترتب على الفسق، فبزواله تعود الشهادة لمكانتها (٢).

فإن قيل: فما فائدة وجود التأبيد في الآية؟.

فقد ذكر الزجاج الفائدة من ذلك حيث قال: (فإن قال قائل: فما الفائدة في قوله: {أَبَدًا} [النور:٤]، قيل: الفائدة أن الأبد لكل إنسان مقدار مدته في حياته، ومقدار مدته فيما يتصل بقصته، فتقول: الكافر لا يُقبل منه شيء أبداً فمعناه، ما دام كافراً فلا يقبل منه شيء، وكذلك إذا قلت: القاذف لا تقبل منه شهادة أبداً، فمعناه ما دام قاذفاً، فإذا زال عنه الكفر فقد زال أبده، وكذلك القاذف إذا زال عنه القذف فقد زال عنه أبده، ولا فرق بين هذا وذلك) (٣). والله أعلم.


(١) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات باب إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمس البينة وينطلق لطلب البينة (٢٦٧٢) من حديث ابن عباس - رضي الله عنه -.
(٢) الإحكام لابن حزم ٤/ ٢٢، الأم ٧/ ٥٤.
(٣) معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٣٣١، وينظر: معاني القرآن للنحاس ٤/ ٥٠٣، معالم التنزيل ٣/ ٢٧٤.

<<  <   >  >>