للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

القول الثاني: أن [الباء] على معناها الأصلي وهو الإلصاق (١)، والمعنى: واسأل بسؤالك خبيراً وهو الله سبحانه.

قال النحاس: (قال علي بن سليمان (٢): أهل النظر ينكرون أن تكون [الباء] بمعنى [عن]؛ لأن في هذا فساد المعاني، قال: ولكن هذا مثل قول العرب: لو لقيت فلاناً للقيك به الأسد، أي: للقيك بلقائك إياه الأسد، والمعنى: فاسأل بسؤالك) (٣).

والمراد: اسأل خبيراً بذلك الذي سبق في قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (٥٩)} [الفرقان:٥٩]؛ لأهميته وعظمته.

قال الطبري: ({فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (٥٩)} [الفرقان:٥٩] يقول: فاسأل يا محمد بالرحمن خبيراً بخلقه) (٤).

ومثله قال البغوي (٥).

وقال ابن جزي: (والمعنى الثاني: أن المراد: اسأل بسؤاله خبيراً، أي: إن سألته تعالى تجده خبيراً بكل شيء فانتصب خبيراً على الحال، وهو كقولك: لو رأيت فلاناً رأيت به أسداً، أي: رأيت برؤيته أسداً) (٦).

القول الثالث: أن [الباء] صلة، والمعنى: فسله خبيراً (٧). وهو لا يبعد عن المعنى الذي قبله؛ فإن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، وهو إفادة الاهتمام بالمسؤول عنه لمّا كان عظيماً.

والقول المقدم والأولى هو البقاء على المعنى الأصلي لـ[الباء]، لا سيما والمعنى صحيح، مع عدم الحاجة إلى تقدير، فالخطاب من الله: بأن لا تطلب العلم بهذا إلا من خبير فيه.


(١) ينظر: مغني اللبيب ص ١١٠.
(٢) هو أبو الحسن علي بن سليمان المعروف بالأخفش الصغير.
(٣) معاني القرآن ٥/ ٤٢، وينظر: الجامع لأحكام القرآن ١٣/ ٦٣.
(٤) جامع البيان ١٧/ ٤٨١.
(٥) معالم التنزيل ٣/ ٣١٨.
(٦) التسهيل ٢/ ١١١.
(٧) ينظر: التفسير الكبير ٢٤/ ٩١.

<<  <   >  >>