للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال السمرقندي مؤيداً أن سبب تضعيف العذاب كونه يرجع إلى الجميع: ({وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} [الفرقان:٦٨]، يعني: الشرك، والقتل، والزنى يلقَ أثاماً) (١).

وقال الرازي: (سبب تضعيف العذاب: أن المشرك إذا ارتكب المعاصي مع الشرك عُذِّب على الشرك وعلى المعاصي جميعاً؛ فتضاعف العقوبة لمضاعفة المعاقَب عليه، وهذا يدل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع) (٢).

وقال الشوكاني: ({وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} [الفرقان:٦٨]، أي: شيئاً مما ذكر) (٣).

ويتفرع على هذا مسألة مشهورة وهي: هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة؟ فأقول:

اختلف العلماء في هذه المسألة - بعد اتفاقهم على أنهم مخاطبون بالإيمان الذي هو الأصل (٤) - على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة بشرط تقدم الإيمان (٥)، وهو قول ابن عقيل، وجماعة من الحنفية (٦)، والراجح عند الشافعية (٧)، وإحدى الروايتين عن أحمد (٨).

واستدلوا بأدلة منها:

١ - الآية التي معنا، ووجه الاستدلال: أنه رتب الوعيد فيها على مجموع ترك الأصل والفرع فكانت الفروع جزءاً من سبب الوعيد، وذلك يلزم أنهم مكلفون بها (٩).


(١) تفسير السمرقندي ٢/ ٥٤٥.
(٢) التفسير الكبير ٢٤/ ٩٧.
(٣) فتح القدير ٤/ ١٠٩.
(٤) ينظر: نزهة الخاطر لابن بدران ١/ ١٤٥.
(٥) ينظر: البحر المحيط للزركشي ٢/ ١٢٥.
(٦) ينظر: الفصول للرازي ٢/ ١٥٨، حيث قال: (والكفار مكلفون بشرائع الإسلام وأحكامه، كما هم مكلفون بالإسلام، وكذلك كان شيخنا أبو الحسن رحمه الله).
(٧) ينظر: المستصفى ٢/ ٧٨، البحر المحيط للزركشي ٢/ ١٢٦.
(٨) ينظر: روضة الناظر ١/ ١٤٦، شرح الكوكب المنير ٣/ ٢٤٣.
(٩) نزهة الخاطر ١/ ١٤٧.

<<  <   >  >>