للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدراسة:

أشار ابن عقيل إلى مسألة: أن الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - في أمور الشرع خطاب لأمته إلا إذا دل الدليل على تخصيصه، وهذه مسألة أصولية مشهورة تكلم فيها الأصوليون (١).

وقول ابن عقيل هو قول الحنفية (٢) وبعض المالكية (٣) وبعض الشافعية (٤): أن الله تعالى إذا أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - فإن أمته يشاركونه في ذلك الأمر (٥)، ومن أدلتهم هذه الآية التي استدل بها ابن عقيل: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (٣٧)} [الأحزاب:٣٧] (٦)، ووجه الاستدلال بها: أنه لو كان الأمر يخص النبي - صلى الله عليه وسلم - في تزوج زوجة الدعي لما انتفى الحرج عن المؤمنين بانتفائه عنه - صلى الله عليه وسلم - (٧)، وكان التعليل به عبثاً (٨).

وهو ما ذهب إليه جمع من المفسرين:

قال الجصاص: (قد حوت هذه الآية أحكاماً ... ) إلى أن قال: (والثالث: أن الأمة مساوية للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الحكم إلا ما خصه الله تعالى به؛ لأنه أخبر أنه أحل ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - ليكون المؤمنون مساوين له) (٩).


(١) ينظر: العدة ١/ ٣١٨، المحصول ٢/ ٣٧٩، البرهان للجويني ١/ ٢٥٠، شرح مختصر روضة الناظر ٢/ ٤١٢.
(٢) ينظر: التقرير والتحبير ١/ ٢٢٤.
(٣) ينظر: أحكام القرآن لابن العربي ٤/ ٢٧٠.
(٤) ينظر: البرهان للجويني ١/ ٢٥٠، روضة الناظر ٢/ ١٠٠، التفسير الكبير ٢٥/ ١٨٤، شرح الكوكب المنير ٣/ ٢١٨.
(٥) ينظر: العدة ١/ ٣١٨، المسودة ١/ ١٣٤.
(٦) ينظر غيره من الأدلة: روضة الناظر ٢/ ١٠٠، التأسيس في أصول الفقه ص ٣٤٢.
(٧) ينظر: تفسير أبي السعود ٥/ ٢٢٨.
(٨) ينظر: شرح مختصر روضة الناظر ٢/ ٤١٣.
(٩) أحكام القرآن ٣/ ٤٧٢.

<<  <   >  >>