للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحديث عثمان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة، وذلك الدهر كله " (١)، قالوا: فالكبائر لا بد لها من التوبة؛ لأن الله أمر العباد بالتوبة، وجعل من لم يتب ظالماً، واتفقت الأمة على أن التوبة فرض، والفرائض لا تؤدى إلا بنية وقصد، ولو كانت الكبائر مكفَّرة بالوضوء، والصلاة، وأداء بقية أركان الإسلام لم يحتج إلى التوبة، وهذا باطل بالإجماع (٢)، وهذا قول الجمهور، وصوبه ابن رجب (٣).

القول الثاني: أن الأعمال الصالحة تكفِّر الصغائر والكبائر جميعاً، واستدلوا بما يلي:

قوله تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال:٢٩].

وقوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [التغابن:٩].

وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (٥)} [الطلاق:٥]. وغيرها كثير (٤).

قال ابن رجب مورِداً على هذه الآيات: (لم يبين في هذه الآيات خصال التقوى، ولا العمل الصالح، ومن جملة ذلك: التوبة النصوح، فمن لم يتب، فهو ظالم، غير متقٍ) (٥).


(١) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة باب فضل الوضوء والصلاة عقبه (٢٢٨).
(٢) ينظر: جامع العلوم والحكم ١/ ٤٢٥.
(٣) جامع العلوم والحكم ١/ ٤٢٩.
(٤) وكذلك الأحاديث السابقة مما لم يقيد بالصغائر.
(٥) جامع العلوم والحكم ١/ ٤٣٠.

<<  <   >  >>