للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبعد هذا يتبين لي قوة القولين، لكن ما أجمل قول ابن رجب في الجمع بين القولين حيث قال: (والأظهر والله أعلم في هذه المسألة أعني مسألة تكفير الكبائر بالأعمال: إن أريد أن الكبائر تمحى بمجرد الإتيان بالفرائض وتقع الكبائر مكفَّرة بذلك كما تكفر الصغائر باجتناب الكبائر فهذا باطل، وإن أريد أنه قد يوازن يوم القيامة بين الكبائر وبين بعض الأعمال فتمحى الكبيرة بما يقابلها من العمل ويسقط العمل فلا يبقى له ثواب فهذا قد يقع) إلى أن قال: (وظاهر هذا أنه يقع المقاصة بين الحسنات والسيئات ثم يسقط الحسنات المقابلة للسيئات وينظر إلى ما يفضل منها بعد المقاصة وهذا يوافق قول من قال بأن من رجحت حسناته على سيئاته بحسنة واحدة أثيب بتلك الحسنة خاصة، وتسقط باقي حسناته في مقابلة سيئاته، خلافاً لمن قال: يثاب بالجميع وتسقط سيئاته كأنها لم تكن، وهذا في الكبائر أما الصغائر فإنه قد تمحى بالأعمال الصالحة مع بقاء ثوابها) (١).

وقال الطبري في تفسير قوله تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [الأنفال:٢٩]: (يمحو عنكم ما سلف من ذنوبكم بينكم وبينه ويغطيها فيسترها عليكم، فلا يؤاخذكم بها) (٢).

وقال ابن كثير عندها: (فإن من اتقى الله بفعل أوامره وترك زواجره، وفِّق لمعرفة الحق من الباطل، فكان ذلك سبب نصره ونجاته ومخرجه من أمور الدنيا، وسعادته يوم القيامة. - وتكفيرُ ذنوبه وهو محوها، وغفرُها: سترها - سبباً لنيل ثواب الله الجزيل .. ) (٣) والله أعلم.


(١) جامع العلوم والحكم ١/ ٤٣٨ - ٤٤٠.
(٢) جامع البيان ١١/ ١٢٧.
(٣) تفسير ابن كثير ٤/ ١٥٧١.

<<  <   >  >>