للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهب بعض العلماء إلى أن المراد في الآية: الثياب المعنوية، أي: العمل، ففي الآية الأمر بإصلاح العمل، لأنه يقال: فلان خبيث الثياب، إذا كان خبيث العمل (١)، وهذا من أسباب اختلافهم في هذه المسألة، ولذا قال من فسرها بالمعنى المعنوي: لا تشترط طهارة الثياب الحسية في الصلاة، وممن رُوي عنه ذلك: مالك وبعض أصحابه (٢)، واحتُج لمالك بحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى القوم ذلك ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته قال: " ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟ " قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً " (٣)، ... ووجه الاستدلال به: أنه أكمل الصلاة ولم يُعد ما مضى من صلاته بالقذر.

والصواب أن استدلال ابن عقيل بالآية صحيح لا إشكال فيه لأمور منها:

١ - أن هذه الآية مما استدل بها الجمهور على وجوب اجتناب النجاسة في الصلاة. قال النووي: (واحتج الجمهور بقول الله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر:٤] والأظهر أن المراد ثيابك الملبوسة، وأن معناه: طهرها من النجاسة، وقد قيل في الآية غير هذا، لكن الأرجح ما ذكرناه، ونقله صاحب الحاوي عن الفقهاء، وهو الصحيح) (٤).


(١) ينظر: الجامع لأحكام القرآن ١٩/ ٦٣.
(٢) ينظر: بداية المجتهد ص ٦٦، شرح الموطأ ١/ ٤١.
(٣) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب الصلاة في النعل (٦٥٠)، وقال النووي: إسناده صحيح، ينظر: المجموع ٣/ ١٤٠.
(٤) المجموع ٣/ ١٤٠.

<<  <   >  >>