للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهب السيوطي إلى أن قول التابعي إذا كان صريحاً في سبب النزول فإنه يقبل، ويكون مرسلاً إذا صح المسند إليه، وكان من أئمة التفسير واعتضد بمرسل آخر (١).

ولما كان لأسباب النزول هذه المكانة العالية اعتنى فيه العلماء والباحثون ومنهم ابن عقيل الذي لم يغفل هذا الجانب، ومن أمثلة اهتمامه بأسباب النزول ما يلي:

قال ابن عقيل في قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤)} [هود:١١٤]: ... (نزلت في الرجل الذي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن استمتاعه من المرأة الأجنبية بكل ما يستمتع به الرجل من زوجته إلا الجماع؛ فأنزل الله هذه الآية اهـ) (٢).

وقال أيضاً: (لما نزل قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء:٩٨] قال ابن الزِّبعرى: لأخصمن محمداً، فجاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: قد عُبِدت الملائكة، وعُبِد المسيح، أفيدخلون النار؟! فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)} [الأنبياء:١٠١]، فاحتج بعموم اللفظ، ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - تعلقه بذلك، وأنزل الله سبحانه جواب ذلك، مما دل على تخصيصٍ، لا منكراً لتعلقه، فعلم أن العموم مقتضى هذه الصيغة اهـ) (٣).


(١) لباب النقول ص ١٥.
(٢) الواضح ٥/ ٢٦.
(٣) الواضح ٣/ ٣١٤.

<<  <   >  >>