للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن تيمية بعد ذكر الأقوال في قوله تعالى: {أَمَانِيَّ}: (والآية تعمها فإنه سبحانه وتعالى قال: {لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ}،لم يقل: لا يقرؤون ولا يسمعون، ثم قال: {إِلَّا أَمَانِيَّ} وهذا استثناء منقطع؛ لكن يعلمون أماني: إما بقراءتهم لها، وإما بسماعهم قراءة غيرهم، وإن جعل الاستثناء متصلاً كان التقدير: لا يعلمون الكتاب إلا علم أماني، لا علم تلاوة فقط بلا فهم، والأماني جمع أمنية وهي التلاوة ... ) (١).

وهذا لا يمنع من كون بعضها أولى من بعض؛ لأن العبارات وإن كانت ترجع لمعنى واحد، إلا أن السياق أو غيره من القرائن يقوي أحدها، ولأجل هذا فقد رجح الطبري - كما سبق - القول الثاني، وعلل ذلك بقوله: (والذي يدل على صحة ما قلنا في ذلك، وأنه أولى بتأويل قوله: {إِلَّا أَمَانِيَّ} من غيره من الأقوال قول الله جل ثناؤه: {وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} فأخبر عنهم جل ثناؤه أنهم يتمنون ما يتمنون من الأكاذيب ظناً منهم لا يقيناً، ولو كان معنى ذلك أنهم يتلونه لم يكونوا ظانين ... الخ) (٢).

وقال الفراء في القول الثاني: (وهذا أبين الوجهين) (٣).

وقال الشنقيطي بعد ذكره للقول الأول: ( .. وهذا القول لا يتناسب مع قوله: ... {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ} لأن الأمي لا يقرأ) (٤). والله تعالى أعلم.


(١) مجموع الفتاوى ١٧/ ٤٣٤.
(٢) جامع البيان ٢/ ١٥٨.
(٣) معاني القرآن ١/ ٥٠.
(٤) أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ١/ ٧٠، ويراجع للاستزادة في هذه المسألة:
النكت والعيون للماوردي ١/ ١٥٠، زاد المسير ١/ ٩١، المحرر الوجيز ١/ ١٦٩، معالم التنزيل ١/ ٥٤، تفسير ابن كثير ١/ ٣٠٥.

<<  <   >  >>