للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي زماننا ربما تجشم الصغير الإفتاء في مسألة شائكة لو عُرِضَت على أكابر السلف لتورعوا عن الإجابة عنها.

عن أبي الحصين قال: «إن أحدهم ليفتي في المسألة لو وردت على (عُمَر) لجمع لها أهل بدر» (١).

٤ - لا ينبغي لطالب العلم أن يَحملَ الناسَ على رأيه:

وقد قال أحمد في رواية المروَذِي: «لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه، ولا يُشدد عليهم» (٢).

ولذلك كان منهج السلف هو: «قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب» (٣)، وهي قاعدة جميلة ترسم المنهج الصحيح في التعامل مع آراء الآخرين واجتهاداتهم. وهي قاعدة من سار عليها اتسع عقله في التعامل مع المواقف والآراء.

قال ابن عثيمين -وهو يعدد آداب طالب العلم-: «أن يكون صدره رحبًا في مواطن الخلاف الذي مصدره الاجتهاد؛ لأن مسائل الخلاف بين العلماء، إما أن تكون مما لا مجال للاجتهاد فيه ويكون الأمر فيها واضحًا فهذه لا يُعذر أحد بمخالفتها، وإما أن تكون مما للاجتهاد فيها مجال فهذه يُعذر فيها من خالفها، ولا يكون قولك حجة على من خالفك فيها؛ لأننا لو قبلنا ذلك لقلنا بالعكس قوله حجة عليك» (٤).


(١) أخرجه ابن بطة في إبطال الحيل ص (٦٢)، والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى ص (٤٣٤) رقم (٨٠٣)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٣٨/ ٤١٠، ٤١١).
(٢) الآداب الشرعية لابن مفلح (١/ ١٦٦).
(٣) ينظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم ص (٣٣٠).
(٤) كتاب العلم ص (٢٣، ٢٤).

<<  <   >  >>