للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: أن يُحدِّث الناس بما يعرفون:

ومما يلزم طالب العلم أن يتنبه له في دعوته لعامة الناس أن يخاطبهم بما يفهمون ويعقلون، ولا يخاطبهم بشيء لا تدركه عقولهم، ولا يفقهونه؛ لأن ذلك مدعاة لأن يفتتنوا في دينهم، وأن يفهموا الكلام على غير وجهه، فيضلوا من حيث لا يشعرون، ويكون سببًا في ضلالهم وغوايتهم (١).

قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: «ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة» (٢).

وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: «حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله» (٣).

وقد بَوَّبَ البخاري على هذا الأثر: «باب مَن خَصَّ بالعلم قومًا دون قومٍ؛ كراهية أن لا يفهموا» (٤).

«وفي هذا الأثر أنه يجب أن يخص بالعلم قومًا لما فيهم من الضبط وصحة الفهم، ولا يبذل المعنى اللطيف لمن لا يستأهله من الطلبة ومن يخاف عليه الترخص والاتكال لقصير فهمه» (٥).

وقال ابن هُبَيْرَة - رحمه الله -: «في هذا الحديث من الفقه: أن العالم ينبغي أن يربي الناس بالعلم تربيةً، ويغذيهم إياه تغذيةً؛ فيربيهم بصغار العلم قبل كباره،


(١) ينظر: العلم فضله طلبه للأمين الحاج محمد أحمد ص (١٥٩ - ١٦١).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه (١/ ١١).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (١/ ٣٧) رقم (١٢٧).
(٤) صحيح البخاري (١/ ٣٧).
(٥) نقله ابن بطال عن المهلب في شرحه لصحيح البخاري (١/ ٢٠٧).

<<  <   >  >>