للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشعبي - رحمه الله -: «كان أبو سلمة (١) يماري ابن عباس؛ فحرم بذلك علمًا كثيرًا» (٢)، وحرم الاستفادة منه، وقد اعترف أبو سلمة بذلك وتَحَسَّرَ على سلوكه وندم على ما كان منه، وقال في آخر حياته: «لو رفقتُ بابن عباس؛ لأصبتُ منه علمًا كثيرًا» (٣).

«ومن آداب المتعلم: أن يتحرى رضى المعلم وإن خالف رأي نفسه، ولا يغتاب عنده، ولا يفشي له سرًا، وأن يرد غِيبته إذا سمعها، فإن عجز فارق ذلك المجلس؛ وألا يدخل عليه بغير إذن، وإذا دخل جماعة قدموا أفضلهم وأسنهم» (٤).

وكان الصحابة - رضي الله عنهم - يعلمون تلاميذهم ويربونهم على السؤال عما ينفع وترك ما لا ينفع.

قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - يومًا: «سلوني عما شئتم، فقال ابن الكَوَّاء (٥): ما السواد الذي في القمر؟ قال: فإن تلك لله، ألا سألت عما ينفعك في دينك وآخرتك، ذاك محو الليل. قال: أخبرنا عن قوله: {فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا}


(١) أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، المدني، قيل اسمه عبد الله، و قيل إسماعيل وقيل اسمه كنيته. من ثقات التابعين، روى له أصحاب الكتب الستة. توفي بالمدينة سنة (٩٤). ينظر في ترجمته: تهذيب الكمال (٣٣/ ٣٧٠ - ٣٧٦)، وتاريخ الإسلام (٢/ ١١٩٨، ١١٩٩).
(٢) جامع بيان العلم (١/ ٥٢١).
(٣) أخرجه الدارمي في سننه (١/ ٣٩٤) رقم (٤٢٦)، والخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (١/ ٢٠٩) رقم (٣٨٢).
(٤) المجموع شرح المهذب (١/ ٣٦).
(٥) هو عبد الله بن عمرو اليشكري، المعروف بـ (ابن الكواء)، من رؤوس الخوارج، مشهور بصحبته لعلي وبكثرة أسئلته له. وقد شهد معه صفين، وذُكِر أنه رجع عن مذهب الخوارج فيما بعد. قال ابن عساكر في تاريخ دمشق (١/ ٣٦٠): (لا يعتمد على ما يرويه). ينظر ترجمته في لسان الميزان (٣/ ٣٢٩).

<<  <   >  >>