للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كانت الشكاية من حسد بعض أهل العلم لبعضٍ قديمة، فقد حسد قوم من أهل العلم الشافعي، فقال أحمد مدافعًا عن الشافعي: «والله، ما رأينا منه إلا خيرًا، ولا سمعنا إلا خيرًا، ثم قال أحمد لمن حوله: اعلموا - رحمكم الله تعالى - أن الرجل من أهل العلم إذا منحه الله شيئًا من العلم وحُرِمَه قرناؤُه وأشكاله، حسدوه فرموه بما ليس فيه، وبئست الخصلة في أهل العلم» (١).

وليحذر طالب العلم أن يتكلم في أقرانه بما لا ينبغي، ولا يدخل عليه الشيطان فينفخ في نار الحسد بينه وبين أصحابه من طلبة العلم، بل يجاهد نفسه في ذلك.

قال الذهبي في ترجمة مُطَيَّن (٢): «وقد تكلم فيه محمد بن عثمان بن أبي شيبة (٣)، وتكلم هو في ابن عثمان، فلا يعتد غالبًا بكلام الأقران، لا سيما إذا كان بينهما منافسة، فقد عدد ابن عثمان لمطين نحوًا من ثلاثة أوهام، فكان ماذا؟ ومطين أوثق الرجلين، ويكفيه تزكية مثل الدارقطني له» (٤).


(١) أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي (٢/ ٢٥٩).
(٢) هو محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي الكوفي، الملقب والمعروف بـ (مُطَيَّن)، وسُمِّيَ بـ (مُطَيَّن)؛ لأنه كان يلعب مع الصبيان في صغره، فيطينون ظهره بالطين، فرآه أبو نعيم ذات يوم، فقال: يا مُطَيَّن، لِمَ لا تحضر مجلس العلم؟ فاشتهر ذلك. وتوفي سنة (٢٩٧ هـ). ينظر في ترجمته: تلقيح فهوم أهل الأثر ص (٣٥٦)، طبقات الحنابلة (١/ ٣٠٠)، وسير أعلام النبلاء (١١/ ٢٨).
(٣) هو الحافظ أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة الكوفي العبسي ولاءً، كان كثير الحديث، واسع الرواية، له من المصنفات التاريخ الكبير. توفي سنة (٢٩٧ هـ). ينظر في ترجمته: تاريخ بغداد (٤/ ٦٨)، وتذكرة الحفاظ (٢/ ١٧١).
(٤) سير أعلام النبلاء (١١/ ٢٨).

<<  <   >  >>