وللفقه من فِيهِ حلاوة وطلاوة؛ وَهُوَ أنظر من رَأَيْنَاهُ؛ غير أَنه كَانَ إِذا اتجه عَلَيْهِ الْبَحْث تظهر الْكَرَاهَة فِي وَجهه. وَكَانَ يغض من كثير من الْعلمَاء، لَا سِيمَا من أهل عصره، وَكَانَ يبخل بالوظائف على مستحقيها، ويخص بهَا أَوْلَاده، وَكَانَ يَقُول: أقرأتُ الْكتاب بعد أَن شَاب شعر رَأْسِي.
وَحكى الشَّيْخ بدر الدّين الطنبذي أَنه قَالَ: أعرف عشْرين علما لم يسألني عَنْهَا بِالْقَاهِرَةِ أحد.
وروى عَنهُ ابْنه بدر الدّين وَأَبُو حَامِد بن ظهيرة؛ وَقَالَ فِي مُعْجَمه: لم يجْتَمع لأحد من معاصريه مَا اجْتمع لَهُ فِي فنون الْعلم، مَعَ الذكاء المفرط، والذهن السَّلِيم، ودقة النّظر، وَحسن الْبَحْث، وَقطع الْخُصُوم. أقرّ لَهُ بذلك الْمُوَافق والمخالف.
مَاتَ بِدِمَشْق يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشر ربيع الآخر سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة، وَلم يخلف بعده مثله.
وَمن شعره:
(قبلته ولثمت باسم ثغره ... مَعَ خَدّه وضممت مائس قده)
(ثمَّ انْتَهَيْت ومقلتي تبْكي دَمًا ... يَا رب لَا تَجْعَلهُ آخر عَهده!)
أسندنا حَدِيثه فِي الطَّبَقَات الْكُبْرَى.
٢٥٥ - مُحَمَّد بن عبد الْجَبَّار بن مُحَمَّد الرعيني التّونسِيّ أَبُو عبد الله
من نحاة تونس. كَذَا ذكره أَبُو حَيَّان فِي الارتشاف؛ ونقلنا عَنهُ فِي جمع الْجَوَامِع فِي " كم ".
٢٥٦ - مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن العَاصِي الفهمي النَّحْوِيّ
من أهل المرية، قَالَ ابْن الزبير: كَانَ أحد الأساتيذ النُّحَاة الأدباء الجلة، وَأَظنهُ روى عَن أَبِيه الأديب أبي زيد.
روى عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس الأندرشي، وَأَبُو الْقَاسِم بن حُبَيْش؛ سمع عَلَيْهِ وَلم يجز لَهُ.
مَاتَ بعد الثَّلَاثِينَ وَخَمْسمِائة.