للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَن تَأْخُذ بيَدي، وتخرجني حَتَّى أمضي على وَجْهي؛ فَلَمَّا قَالَ لي هَؤُلَاءِ هَذَا الْكَلَام، حق لي ان يغشى عَليّ! فَقَالَ: لَا يكون الديباج إِلَّا مَعَ مَا يَلِيق بِهِ؛ ثمَّ اشْترى لَهُ جهازا يَلِيق بذلك المطرح، وأحضر زوج الصبية، وَدفع إِلَيْهِ بضَاعَة سنية.

ولي الصاحب الوزارة ثَمَانِي عشرَة سنة وشهرا لمؤيد الدولة بن ركن الدّين بن بويه وأخيه فَخر الدولة؛ وَهُوَ أول من سمى الصاحب من الوزراء، لِأَنَّهُ صحب مؤيد الدولة من الصِّبَا، وَسَماهُ الصاحب، فغلب عَلَيْهِ هَذَا اللقب. وَلم يعظم وزيرا مخدومه مَا عظمه فَخر الدولة، وَلم يجْتَمع بِحَضْرَة أحد من الْعلمَاء وَالشعرَاء والأكابر مَا اجْتمع بِحَضْرَتِهِ.

وَعنهُ أَنه قَالَ: مدحت بِمِائَة ألف قصيدة عَرَبِيَّة وفارسية، مَا سرني شَاعِر كَمَا سرني أَبُو سعيد الرستمي الْأَصْبَهَانِيّ بقوله:

(ورث الوزارة كَابِرًا عَن كَابر ... مَوْصُولَة الْإِسْنَاد بِالْإِسْنَادِ)

(يروي عَن الْعَبَّاس عباد وزا ... رته وَإِسْمَاعِيل عَن عباد)

وَلم يكن يقوم لأحد من النَّاس، وَلَا يُشِير إِلَى الْقيام، وَلَا يطْمع أحد مِنْهُ فِي ذَلِك كَائِنا من كَانَ.

وَأما أَبُو حَيَّان التوحيدي فَإِنَّهُ أمْلى فِي ذمه وذم ابْن العميد مجلدة، سَمَّاهَا ثلب الوزيرين؛ لنَقص حَظّ ناله مِنْهُ، وَعدد فِيهَا قبائح لَهُ.

وللصاحب من التصانيف: الْمُحِيط باللغة عشر مجلدات، رسائله، الْكَشْف عَن مساوئ المتنبي، جَوْهَرَة الجمهرة، ديوَان شعره، وَغير ذَلِك.

مَاتَ لَيْلَة الْجُمُعَة الرَّابِع وَالْعِشْرين من صفر سنة خمس وَثَمَانِينَ وثلاثمائة، وأغلقت لَهُ مَدِينَة الرّيّ، وَاجْتمعَ النَّاس على بَاب قصره ينتظرون جنَازَته، فَلَمَّا خرج نعشه صَاح النَّاس بأجمعهم صَيْحَة وَاحِدَة، وقبلوا الأَرْض، ثمَّ نقل بعد ذَلِك إِلَى أَصْبَهَان؛ وشهرته تغني عَن الإطناب بِذكرِهِ.

وَمن شعره:

(قَالَ لي إِن رقيبي ... سيء الْخلق فداره)

<<  <  ج: ص:  >  >>