قَالَ: فَلَمَّا دخلت على الْخَلِيفَة، قَالَ لي: مِمَّن الرجل؟ قلت: من بني مَازِن، قَالَ: مَازِن تَمِيم أم شَيبَان؟ قلت: مَازِن شَيبَان، فَقَالَ لي: بااسمك؟ يُرِيد مَا اسْمك؟ وَهُوَ لُغَة قَومنَا، يبدلون الْمِيم بَاء وَعَكسه؛ فَكرِهت أَن أَقُول: " مكر: مُوَاجهَة لَهُ بالمكر، فَقلت: بكر بن مُحَمَّد، فأعجبه ذَلِك، وَقَالَ لي: اجْلِسْ، فاطبئن، أَي اطمئن، فَجَلَست، فَسَأَلَنِي عَن الْبَيْت، فَقلت: صَوَابه " رجلا "، فَقَالَ: وَلم؟ فَقلت: إِن " مصابكم " مصدر بِمَعْنى " إصابتكم ". فَأخذ التوزي فِي معارضتي، فَقلت: هُوَ بِمَنْزِلَة قَوْلك: إِن ضربك زيدا ظلم، فالرجل مفعول " مصابكم " وظلم الْخَبَر، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن الْكَلَام مُعَلّق إِلَى أَن تَقول " ظلم " فَيتم، فَقَالَ التوزي: حسبي، وَفهم. وَاسْتَحْسنهُ الواثق. وَقَالَ: من خلفت وَرَاءَك؟ قلت: خلفت أخية لي أَصْغَر مني، أقيمها مقَام الْوَلَد، قَالَ: فَمَا قَالَت لَك حِين خرجت؟ قَالَ: طافت حَولي؛ وَهِي تبْكي؛ وَقَالَت: أَقُول لَك يَا أخي كَمَا قَالَت بنت الْأَعْشَى لأَبِيهَا:
(تَقول ابْنَتي حِين جد الرحيل ... أرانا سَوَاء وَمن قد يتم)
(أَبَانَا فَلَا رمت من عندنَا ... فَإنَّا بِخَير إِذا لم ترم)
(تَرَانَا إِذا أضمرتك البلا ... د نجفى وتقطع منا الرَّحِم)
قَالَ: فَمَا قلت لَهَا؟ قَالَ: قلت: أَقُول لَك يَا أخية كَمَا قَالَ جرير لابنته:
(ثقي بِاللَّه لَيْسَ لَهُ شريك ... وَمن عِنْد الْخَلِيفَة بالنجاح)
فَقَالَ: لَا جرم! إِنَّهَا ستنجح، وَأمر لي بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم.
وَسُئِلَ الْمَازِني عَن أهل الْعلم، فَقَالَ: أَصْحَاب الْقُرْآن فيهم تَخْلِيط وَضعف، واهل الحَدِيث فيهم حَشْو ورقاعة، وَالشعرَاء فيهم هوج، والنحاة فيهم ثقل، وَفِي رُوَاة الْأَخْبَار الظّرْف كُله، وَالْعلم هُوَ الْفِقْه.
وَله من التصانيف: كتاب فِي الْقُرْآن، علل النَّحْو، تفاسير كتاب سِيبَوَيْهٍ، مَا تلحن فِيهِ الْعَامَّة، الْألف وَاللَّام، التصريف، الْعرُوض، القوافي، الديباج فِي جَوَامِع كتاب سِيبَوَيْهٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute