وَكَانَ صَحِيح السماع، ثِقَة فِي النَّقْل، ظريفا فِي الْعشْرَة، طيب المزاح؛ قَرَأَ عَلَيْهِ جمَاعَة، وَآخر من روى عَنهُ بِالْإِجَازَةِ أَبُو حَفْص بن القواص، ثمَّ أَبُو حَفْص العقيمي.
واستوزره فروخ شاه، ثمَّ اتَّصل بأَخيه تَقِيّ الدّين صَاحب حماة، واختص بِهِ، وَكَثُرت أَمْوَاله، وَكتب الْخط الْمَنْسُوب، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمُعظم عِيسَى شَيْئا كثيرا من النَّحْو؛ ككتاب سِيبَوَيْهٍ وَشَرحه والإيضاح.
وَله: خزانَة كتب بالجامع الْأمَوِي، فِيهَا كل نَفِيس.
وَله حواش على ديوَان المتنبي، وحواش على خطب ابْن نباتة؛ أجَاب عَنْهَا الْمُوفق الْبَغْدَادِيّ.
توفّي يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس شَوَّال سنة ثَلَاث عشرَة وسِتمِائَة، وَانْقطع بِمَوْتِهِ إِسْنَاد عَظِيم.
وَفِيه يَقُول تِلْمِيذه الشَّيْخ علم الدّين السخاوي، وَكَانَ يُبَالغ فِي وَصفه:
(لم يكن فِي عصر عَمْرو مثله ... وَكَذَا الْكِنْدِيّ فِي آخر عصر)
(وهما زيد وَعَمْرو إِنَّمَا ... بني النَّحْو على زيد وَعَمْرو)
وَمن شعر الْكِنْدِيّ:
(لامني فِي اخْتِصَار كتبي حبيب ... فرقت بَينه اللَّيَالِي وبيني)
(كَيفَ لي لَو أطلت، لَكِن عُذْري ... فِيهِ أَن المداد إِنْسَان عَيْني)
وَله - رَوَاهُ عَنهُ الرشيد الْعَطَّار:
(أرى الْمَرْء يهوى أَن تطول حَيَاته ... وَفِي طولهَا إرهاق ذل وإزهاق)
(تمنيت فِي شرخ الشبيبة أنني ... أعمر والأعمار لَا شكّ أرزاق)
(فَلَمَّا أَتَانِي مَا تمنيت سَاءَنِي ... من الْعُمر مَا قد كنت أَهْوى وأشتاق)
(عرتني أَعْرَاض شَدِيد مراسها ... على وهم لَيْسَ لي فِيهِ إفراق)
(وَهَا أَنا فِي إِحْدَى وَتِسْعين حجَّة ... لَهَا فِي إرعاد مخوف وإبراق)
(يخيل لي فكري إِذا كنت خَالِيا ... ركوبي على الْأَعْنَاق وَالسير إعناق)
(ويذكرني بعد النسيم وروحه ... حفائر يعلوها من الترب أطباق)
(يَقُولُونَ درياق لمثلك نَافِع ... وَمَا لي إِلَّا رَحْمَة الله درياق)