وَكَانَت لحيته طَوِيلَة بِحَيْثُ تصل إِلَى قَدَمَيْهِ، وَلَا ينَام إِلَّا وَهِي فِي كيس، وَإِذا ركب تتفرق فرْقَتَيْن؛ وَكَانَ عوام مصر إِذا رَأَوْهُ يَقُولُونَ: سُبْحَانَ الْخَالِق {فَكَانَ يَقُول: عوام مصر مُؤمنُونَ حَقًا لِأَنَّهُ يستدلون بالصنعة على الصَّانِع.
أَخذ عَنهُ الشَّيْخ عز الدّين بن جمَاعَة وَالشَّيْخ ولي الدّين الْعِرَاقِيّ وخَلق، وروى عَنهُ الْبُرْهَان الْحلَبِي وَغَيره.
وَمَات فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَسَبْعمائة. ذكر ذَلِك ابْن حجر وَغَيره.
وَكتب إِلَيْهِ طَاهِر بن حبيب:
(قل لرب الندى وَمن طلب الْعلم ... مجدَّا إِلَى سَبِيل السوَاء)
(إِن أردْت الْخَلَاص من ظلمَة الْجَهْل ... فَمَا تهتدي بِغَيْر الضياء)
فَأَجَابَهُ:
(قل لمن يطْلب الْهِدَايَة مني ... خلت لمع السراب بركَة مَاء)
(لَيْسَ عِنْدِي من الضياء شُعَاع ... كَيفَ يبغى الْهدى من اسْم الضياء} )
فَائِدَة رَأَيْت أَن أطرز بهَا هَذَا الْكتاب: وَقع فِي كَلَام الشَّيْخ ضِيَاء الدّين هَذَا السَّابِق نَقله عَنهُ آنِفا إِطْلَاق " الصَّانِع " على الله تَعَالَى؛ وَهُوَ جَار فِي أَلْسِنَة الْمُتَكَلِّمين؛ وانتقد عَلَيْهِم بِأَنَّهُ لم يرد إِطْلَاقه على الله تبَارك وَتَعَالَى، وأسماؤه توقيفية. وَأجَاب التقي السُّبْكِيّ بِأَنَّهُ قرئَ شاذا " صنعه الله " بِصِيغَة الْمَاضِي، فَمن اكْتفى فِي إِطْلَاق الْأَسْمَاء بورود الْفِعْل اكْتفى بِمثل ذَلِك.
وَأجَاب غَيره بِأَنَّهُ مَأْخُوذ من قَوْله: {صنع الله} ويتوقف أَيْضا على القَوْل بالاكتفاء بورود الْمصدر.
وَأَقُول: إِنِّي لأعجب للْعُلَمَاء سلفا وخلفا من الْمُحدثين والمحققين، مِمَّن وقف على هَذَا الانتقاد وَقَول الْقَائِل: إِنَّه لم يرد، وتسليمهم لَهُ ذَلِك، وَلم يستحضروه وَهُوَ وَارِد فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute