للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٩٢٧ - الْقَاسِم بن عَليّ بن مُحَمَّد بن عُثْمَان الْبَصْرِيّ الإِمَام أَبُو مُحَمَّد الحريري

ولد فِي حُدُود سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة، وَقَرَأَ على الْفضل القصباني، وَكَانَ غَايَة فِي الذكاء والفطنة والفصاحة والبلاغة، وتصانيفه تشهد بفضله، وتقر بنبله.

وَكَفاهُ شَاهدا المقامات الَّتِي أبر بهَا على الْأَوَائِل، وأعجز الْأَوَاخِر.

قَالَ البندجيهي: كَانَ سَبَب وَضعهَا أَن أَبَا زيد السرُوجِي ورد الْبَصْرَة - وَكَانَ شَيخا شحاذا بليغا فصيحا - فَوقف فِي مَسْجِد بني حرَام، فَسلم ثمَّ سَأَلَ النَّاس وَالْمَسْجِد غاص بالفضلاء، فَأَعْجَبَهُمْ فَصَاحَته وَحسن صِيغَة كَلَامه، وَذكر أسر الرّوم وَلَده، كَمَا ذكر فِي المقامة الحرامية. قَالَ الحريري: فَاجْتمع عِنْدِي عَشِيَّة ذَلِك الْيَوْم فضلاء الْبَصْرَة، فحكيت لَهُم مَا شاهدت من ذَلِك السَّائِل، فَحكى كل وَاحِد مِنْهُم أَنه سمع من هَذَا السَّائِل فِي مَسْجده فِي معنى آخر فصلا أحسن مِمَّا سَمِعت، وَكَانَ يُغير فِي كل مَسْجِد زيه وشكله، وَيظْهر فِي فنون الْحِيلَة فَضله، فتعجبوا مِنْهُ، فأنشأت المقامة الحرامية، ثمَّ بنيت عَلَيْهَا سَائِر المقامات، وَكَانَت أول شَيْء صَنعته.

وَذكر ابْن الْجَوْزِيّ بعد هَذَا الْكَلَام أَنه عرض الحرامية على الْوَزير أنوشروان، فاستحسنها، وَأمره أَن يضيف إِلَيْهَا مَا شاكلها فأتمها خمسين.

وَقَالَ ياقوت: بَلغنِي أَنه لما صنع الحرامية أصعد إِلَى بَغْدَاد فَدخل إِلَى السُّلْطَان ومجلسه غاص بذوي الْفضل، وَقد بَلغهُمْ وُرُوده إِلَّا أَنهم لم يعرفوا فَضله فَقَالَ لَهُ بعض الْكتاب: أَي شَيْء تتعاني من صناعَة الْكِتَابَة حَتَّى نباحثك فِيهِ؟ فَأخذ بِيَدِهِ قَلما وَقَالَ: كل مَا يتَعَلَّق بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى الْقَلَم - فَقيل لَهُ: هَذِه دَعْوَى عَظِيمَة، فَقَالَ: امتحنوا تخبروا. فساءله كل وَاحِد عَمَّا يعْتَقد فِي نَفسه إتقانه من أَنْوَاع الْكِتَابَة، فَأجَاب عَن الْجَمِيع أحسن جَوَاب

<<  <  ج: ص:  >  >>