للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} ١، وقال: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} ٢، وقال: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} ٣.

فتشير هذه الآيات وغيرها إلى أن الله أنزل على رسوله وحيين وأوجب على عباده الإيمان بهما، وتعلمهما والعمل بهما، وهما: الكتاب والحكمة، والكتاب هو القرآن والحكمة هي السنة باتفاق السلف ٤.

ومن الآيات التي تُلَوِّح بهذا المعنى قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} ٥، فقد ذكر الله في هذه الآية أن جمع القرآن وترتيبه عليه ـ سبحانه ـ فكأن الله تعالى قد تكفل بجمع القرآن وترتيبه والواقع الذي يعرفه كل أحد أن القرآن لم يرتب على الترتيب الذي نزل عليه بل رتب كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بترتيبه، فكأنه رتبه النبي صلى الله عليه وسلم فحقيقة الأمر أن ترتيب القرآن قد تكفل الله به وقام النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الترتيب. فلا يمكن الجمع بين هذا التكفل وهذا الترتيب إلا على القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قام به بوحي من الله تعالى وهو الوحي غير المتلو ـ لأنا لا نجد أثراً لذلك بين الدفتين ـ وهو السنة ٦.

وقال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} ٧، فنسب الله حكم استقبال بيت المقدس إلى نفسه، ولكننا لا نجد آية في المصحف تشير إلى هذا الحكم، فالظاهر


١ سورة النساء: الآية (١١٣)
٢ سورة الجمعة: الآية (٢)
٣ سورة الأحزاب: الآية (٣٤)
٤ انظر: الشافعي: الرسالة (ص:٣٢ فقرة ٩٦) وابن القيم: الروح (ص:١٣٠) ط. دار الكتاب العربي. الثالثة ١٤٠٨هـ، والخطيب: الفقيه والمتفقه (١/٨٧)
٥ سورة القيامة: الآية (١٧)
٦ انظر: محمد حبيب: مصدر سابق (ص:٩٢)
٧ سورة البقرة: الآية: (١٤٣)

<<  <   >  >>