للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المثال الثاني: عبد الله بن عباس رضي الله عنه كان يكتب أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستخدم مواليه أحياناً للكتابة ١، وكان يحث طلابه على كتابة العلم٢، وقد ورد أنه كان ينهى عن الكتابة، فهل يتعارض ذلك مع ما قررته؟ أبداً فإن الذي ورد نهيه عنه هو كتابة آرائه، فعن طاوس ٣قال: "إن كان الرجل يكتب إلى ابن عباس يسأله عن الأمر فيقول للرجل الذي جاء بالكتاب: "أخبر صاحبك بأن الأمر كذا وكذا، فإنا لا نكتب في الصحف إلا الرسائل والقرآن" ٤. فإذاً كان يكتب الأحاديث دون رأيه وإلا فإنه أمر طلابه بالكتابة فقال: "قيدوا العلم بالكتابة" ٥ وروي هذا الأمر بالكتابة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً ٦ وموقوفاً على عمر ٧ وأنس ٨ وعبد الله بن عمرو ٩.

المثال الثالث: أنس بن مالك رضي الله عنه وكان أنس يجيد الكتابة وقد بعثه أبو بكر إلى البحرين ساعياً ١٠.

وبما أنه عاش مدة طويلة حتى قارب نهاية القرن الأول، ولم يبق من الصحابة إلا عدد ضئيل جداً، فقد كثُر تلاميذه حتى وصل الرواة عنه إلى مائتي نفس ١١، وقد سبق أنه كان يأمر بالكتابة، ويقول: "قيدوا العلم بالكتابة" ١٢،


١ انظر: ابن سعد: الطبقات (٢/٢٨٣) ط. دار الكتب العلمية، الأولى. وابن حجر: الإصابة (٤/٣٣٢) ط. دار الكتب العلمية، بيروت. (مصورة)
٢ انظر: ابن عبد البر: الجامع (ص:٧٢) ، وأبو خيثمة: العلم (ص: ٣٤) .
٣ هو: ابن كيسان، فقيه قدوة، عالم اليمن، سمع عدداً من كبار الصحابة. السير (٥/٣٨ـ٣٩) .
٤ انظر: أبو خيثمة: العلم (ص: ١١) .
٥ ابن عبد البر: الجامع (ص: ٧٢) .
٦ ابن عبد البر: الجامع (ص:٧٣) ، وانظر: الألباني: الصحيحة (ح: ٢٠٢٦) .
٧ ابن عبد البر: الجامع (ص:٧٢) .
٨ أبو خيثمة: العلم (ص:٢٩) .
٩ ابن عبد البر: الجامع (ص: ٧٣)
١٠ الذهبي: سير أعلام النبلاء (٣/ ٢٦٨ ـ ٢٦٩) .
١١ الذهبي: السير (٣/٢٦٦) ، ط. مؤسسة الرسالة. بيروت.
١٢ سبق تخريجه (ص: ١٢٦)

<<  <   >  >>