للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت لديه كتب كثيرة، فإذا كثُر الناس عليه أخرجها لهم وقال: "هذه أحاديث سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتبتها عنه" ١. وكان يملي على طلابه وهم يكتبون ٢، وكتب عنه عدد من طلابه في واسط ٣، وروى مسلم عنه أنه أعجبه حديث سمعه فقال لابنه: "اكتبه فكتبه" ٤.

وهؤلاء الأربعة عبد الله بن عمرو وأبو هريرة وابن عباس وأنس هم رواة الحديث النبوي المكثرون، يكتبون أحاديثهم ويكتب عنهم طلابهم، هذا وقد كتب أيضاً غيرهم، ولكني اقتصرت على هؤلاء لأنهم أكبر من روى من الحديث النبوي، ولأن المقام لا يحتمل إلا ذكر أمثلة ٥.

ثانياً: الرواية بالمعنى:

الحجة الثانية التي بنى عليها الشيخ رشيد موقفه من "السنة القولية" أنها رويت بالمعنى وأن هذه الرواية بالمعنى هي سبب الاضطراب والاختلاف في الأحاديث الواردة، وهو ما أوجب ـ عند الشيخ رشيد ـ تساقطها وعدم الاعتداد بها. فقال: " لاشك في أن أكثر الأحاديث قد روي بالمعنى كما هو معلوم، واتفق عليه العلماء ويدل عليه اختلاف رواة الصحاح في ألفاظ الحديث الواحد حتى المختصر منها، وما دخل على بعض الأحاديث من المدرجات وهي ما يدرج في اللفظ المرفوع من كلام الرواة، فعلى هذا كان يروي كل أحد ما فهمه، وربما وقع في فهمه الخطأ ... وربما فسر بعض ما فهمه بألفاظ يزيدها ... " ٦.


١ الخطيب البغدادي: تقييد العلم (ص: ٩٥ـ ٩٦) ت: يوسف العش.
٢ الخطيب: تاريخ بغداد (٨/٢٥٩) .
٣ المصدر نفسه والصفحة نفسها.
٤ انظر: مسلم: الصحيح، ك: الإيمان، ح: ٥٤ (١/٦١ ـ٦٢) عبد الباقي.
٥ ولتفصيل ذلك راجع: أبو شهبة: دفاع عن السنة (ص:٢١) ، وأبو زهو: الحديث والمحدثون (ص:١١٩) ط. الأولى، والسباعي: السنة (ص:٥٨) ، والأعظمي: دراسات (١/٩٢) وما بعدها، وعبد الغني عبد الخالق: حجية السنة (ص: ٤٢١) وما بعدها، وانظر أيضاً: رفيق العظم: التدوين في الإسلام: مجلة المنار (١٠/٧٤٣ ـ ٧٥٢) .
٦ تفسير المنار (٩/٥٠٦ و ٨/٢١٠ و ٩/٤٩٠) .

<<  <   >  >>