للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد كرر أبو رية ١ نفس الكلمات فقال: "إنه لا يكاد يوجد في كتب الحديث كلها مما سموه صحيحاً أو جعلوه حسناً، حديث قد جاء على لفظه ومحكم تركيبه كما نطق به الرسول صلى الله عليه وسلم ... " ٢. وزاد أبو رية ذكر الأمثلة ٣، واستشهد بكلام الشيخ رشيد في تفسيره ٤، وأريد هنا أن أجيب وباختصار عن هذه الشبهة فأقول:

أولاً: لقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى نشر حديثه وحثّهم على روايته بلفظه فقال: "نضّر الله امرءواً سمع مقالتي فحفظها فوعاها فأداها كما سمعها فرب مُبَلَّغ أوعى من سامع" ٥.

ولا ريب أن أصحابه صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم كانوا يعظمون أمره ويمتثلونه، ولقد رد النبي صلى الله عليه وسلم على رجل علّمه دعاءً فقال فيه: "وبنبيك الذي أرسلت" فقال الرجل: "وبرسولك الذي أرسلت" فضربه النبي صلى الله عليه وسلم في صدره وقال له: "وبنبيك الذي أرسلت" ٦، وقد فهم الصحابة رضي الله عنهم ذلك وعملوا به. ونأخذ أمثلة على حرص هؤلاء ومن بعدهم على رواية اللفظ:

أولاً: الصحابة:

المثال الأول: ابن عباس رضي الله عنه ـ حبر الأمة ـ كان من المكثرين ٧


١ أضواء البيان (ص:٢٠)
٢ أضواء (ص: ٢٠) .
٣ انظر: أضواء (ص:٨٢ ـ ٨٥) .
٤ أضواء (ص: ٨٦ ـ ٨٧) وقد أكثر أبو رية من الاستشهاد والنقل عن الشيخ رشيد. انظر: محمد أبو شهبة: دفاع عن السنة (ص: ٦٨) ، ومقدمة أضواء (ص:٣٥) وما بعدها. ط. دار المعارف بمصر.
٥ هذا حديث متواتر وقد أثبت تواتره فضيلة الشيخ العلامة: عبد المحسن العباد في دراسة وافية، انظر له: دراسة حديث "نضّر الله امرءاً سمع مقالتي ... ".
٦ رواه البخاري: الصحيح، ك: الوضوء، باب: فضل من بات على وضوء، ح: ٢٤٧ (١/ ٤٢٦) مع الفتح، والرجل هو: البراء بن عازب رضي الله عنه راوي الحديث.
٧ انظر: أحمد شاكر: الباعث الحثيث (ص: ١٨٧) .

<<  <   >  >>