للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حديث شعب الإيمان روى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة..." ١، وقد سبق تمسكه بما سمعه في حديث الشفاعة بينما تمسك أبو سعيد بما سمعه أيضاً.

المثال الخامس: عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ من المكثرين، وكان أشد الناس حرصاً على لفظ الحديث، وكان يغضب غضباً شديداً إذا تغير لفظ الحديث، ونأخذ له روايتين:

الأولى: سمع ابن عمر عبيد بن عمير ٢ يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المنافقين كمثل الشاة الرابضة ٣ بين الغنمين"، فقال ابن عمر: "ويلكم لا تكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المنافق كمثل الشاة العائرة ٤ بين الغنمين" ٥. فقد سمى ابن عمر الرواية بالمعنى كذباً.

الثانية: روى ابن عمر حديث أركان الإسلام فقال: "بني الإسلام على خمس: على أن يوحد الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، والحج" فقال رجل مستفهماً: الحج وصيام رمضان؟ قال: "لا، صيام رمضان والحج، هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم" ٦. فقد رفض ابن عمر مجرد التقديم والتأخير في الألفاظ.

المثال السادس: أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ من المكثرين ٧، وكان يتقي مع ذلك الحديث عن النبي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من تعمّد عليّ كذباً


١ مسلم: الصحيح، ك: الإيمان، ح: ٥٨ (٣٥) [١/٦٣]
٢ هو عبيد بن عمير بن قتادة الليثي، أبو عاصم المكي، ولد على عهد النبي (ـ قاله مسلم ـ، وعدّه غيره في كبار التابعين، وكان قاصّ أهل مكة، مجمع على ثقته، مات قبل ابن عمر. التقريب (ص: ٦٥١) .
٣ الرابضة: ربوض الغنم والبقر مثل بروك الإبل وبابه جلس. مختار الصحاح (ص: ٩٧، مادة ربض) .وانظر: ابن الأثير: النهاية (٢/ ١٨٥) ط. المكتبة العلمية، بيروت.
٤ العائرة: أي المترددة بين قطيعين لا تدري أيهما تتبع (انظر: ابن الأثير النهاية ٣/٣٢٨)
٥ انظر: أحمد: المسند (٨/١٦) ت: أحمد شاكر، وصحح إسناده. ط. دار المعارف.
٦ انظر: مسلم: الصحيح، ك: الإيمان، ح: ١٩ (١٦) [١/٤٥]
٧ انظر: أحمد شاكر: الباعث الحثيث (ص: ١٨٧) .

<<  <   >  >>