للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذين طعن فيهم الشيخ رشيد، وأكتفي في الرد على هذه المسألة الأساسية، وهي رواية الصحابة عن مسلمة أهل الكتاب لأن في كلام الشيخ رشيد ومن تبعه اتهام للصحابة بالغفلة وبعدم الفطنة والتمييز.

الحكمة من رواية الصحابة الإسرائيليات:

لقد قال الله تعالى مخاطباً أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومخبراً عن أهل الكتاب: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ١، وقد أدب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وعلمهم المنهج في الرواية عن أهل الكتاب فقال لهم: "إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بما أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون" ٢. أفبعد هذا يجوز لأحد أن يتهمهم بالبلاهة والسذاجة وعدم التمييز وبتصديق الكاذبين؟؟!

وفي ضوء الآية السابقة والحديث نستطيع القول: إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يستمعون لحكايات كعب ووهب ونحوهما، لا على سبيل التصديق بل على سبيل الاعتبار والاتعاظ، وليحمدوا الله تعالى على ما أنعم عليهم من الكتاب والحكمة، وبضدها تتبين الأشياء، والضد يظهر حسنه الضد، وتنقض عرى الإسلام إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية، {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} ٣.


١ سورة آل عمران: الآية (٧٨)
٢ انظر: أبو داود: السنن: ك: العلم، باب: رواية حديث أهل الكتاب، ح: ٣٦٤٤. وانظر أيضاً البخاري: الصحيح: ك: التوحيد: باب ما يجوز من تفسير التوراة..ح: ٧٥٤٢ (١٣/ ٥٢٥ مع الفتح)
٣ سورة يوسف: الآية (١١١)

<<  <   >  >>