للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسوله صلى الله عليه وسلم..وأن يكون ما يتفقون عليه من المصالح العامة وهو ما لولي الأمر سلطة فيه ووقوف عليه، وأما العبادات وما كان من قبيل الاعتقاد الديني فلا يتعلق به أمر أهل الحلّ والعقد..١"

ومن الواضح البين أن "الأستاذ الإمام" يخلط بين الإجماع وبين المصالح المرسلة. وتبعه في ذلك رشيد رضا. إذ يقول عن صورة الإجماع:"هو أن يجتمع العلماء النابغون الموثوق بهم ويتذاكروا في المسائل التي لا نص فيها، ويكون ما يتفقون عليه هو المجمع عليه.."٢، ويؤيد رأيي في عدم فهمهم وخلطهم، المثال الذي مثل به "الأستاذ الإمام" ونقله لنا الشيخ رشيد لأمور أُجمع عليها، فيقول:.."وذلك كالديوان الذي أنشأه عمر باستشارة أهل الرأي من الصحابة رضي الله عنهم وغيره من المصالح التي أحدثها برأي أولي الرأي من الصحابة ولم تكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.."٣.

ويتضح من قولهم: "لا نص فيها" ومن ترديدهم كلمة: " المصالح" أن حزب الأستاذ الإمام" اختلط عليهم الأمر، فبينما يقول الأصوليون: إن الإجماع لا يكون إلا عن نص، إما كتاب أو سنة أو اجتهاد ـ أي قياس ـ ٤، يقول هؤلاء: " لا نص فيها"، وبينما يكون الإجماع في العبادات فنجد كتب الفقه القديمة والحديثة تقول في كل مسألة من المسائل الرئيسة كوجوب الطهارة للصلاة، مثلاً: الأصل فيها ـ بعد الكتاب والسنة ـ الإجماع ٥. يريد حزب الأستاذ الإمام أن يخرج العبادات من دائرة الإجماع، لأنه فهم أن الإجماع هو إنشاء أمر لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ـ يعني يكون قريباً من


١ تفسير المنار (٥/ ١٨١)
٢ المصدر نفسه (٥/ ٢٠٨)
٣ المصدر نفسه (٥/ ١٨١)
٤ انظر: ابن الحاجب: المختصر (١/ ٥٨٦ مع شرح الأصفهاني) وابن النجار: شرح الكوكب (٢/ ٢٥٩) وابن تيمية: المسودة (ص: ٢٩٦)
٥ انظر مثلاً: ابن قدامة: المغني: كتاب صلاة الجمعة (٢/ ٢٩٥) والزكاة: ٢/٥٧٢) والحج (٣/ ٢١٧) وانظر: الاختيار لتعليل المختار (١/ ١٣١) ط. الأزهر، والإقناع في حلّ ألفاظ أبي شجاع (١/ ٣٣٢) ط. الأزهر. ١٣٩٩هـ.

<<  <   >  >>