للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد ذكر الشيخ رشيد هذه القاعدة " لا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب" وقال: "هذه القاعدة من قواعد أهل السنة والجماعة الذين يصدق عليهم هذا القول ـ لا من يسمون أنفسهم بهذا الاسم ليتميزوا من المعروفين بأسماء أخرى.." ١. ونقل عن شيخ الإسلام أن ذلك مبني على مسألتين:

" إحداهما: أن الذنب لا يوجب كفر صاحبه كما تقوله الخوارج، بل ولا تخليده في النار ومنع الشفاعة فيه كما تقوله المعتزلة.

الثانية: أن المتأول الذي قصد متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يكفر، ولا يفسق إذا اجتهد وأخطأ.. ٢.

وعند قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ٣، قال: "..ومهما أذنب الموحدون فإن ذنوبهم لا تحيط بأرواحهم، وظلمتها لا تعم قلوبهم، لأنهم بتوحيد الله ومعرفته وعز الإيمان ورفعته يغلب خيرهم على شرهم، ولا يطول الأمد في غفلتهم عن ربهم، بل هم كما قال الله تعالى: {إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} ٤ يسرعون إلى التوبة، واتباع الحسنة السيئة {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} فإذا ذهب أثر السيئة من النفس كان ذلك هو الغفران، فكل سيئات الموحدين قابلة للمغفرة، ولذلك قال تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} أي: يغفر ما دون الشرك لمن يشاء من عباده المذنبين وإنما مشيئته موافقة لحكمته، وجارية على مقتضى سنته.. وأما سنته تعالى فيما لا يغفره من الذنوب فتظهر من المقابلة وتلك هي الذنوب التي لا يتوب منها صاحبها ولا يتبعها بالحسنات..." ٥.

ولكن المذنب الذي لا يتوب من ذنبه ويموت عليه هو في مشيئة الله


١ مجلة المنار (٢٢/ ١٢١) ، وانظر: العقيدة الواسطية (ص: ٢٣٣)
٢ مجلة المنار نفس الصفحة.
٣ سورة النساء، الآية (٤٨، ١١٦)
٤ سورة الأعراف، الآية (٢٠١)
٥ تفسير المنار (٥/ ١٤٩ ـ ١٥٠)

<<  <   >  >>