للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى، كما ذكرت عن أهل السنة، وكما هو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية: وهو ما يحكيه الشيخ رشيد عن أهل السنة الذين يقولون: "إنه لا يخلد في النار إلا من مات كافراً وأما من مات عاصياً فأمره إلى الله وهو بين أمرين: إما أن يعفو الله عنه ويغفر له، وإما أن يعذبه على قدر ذنبه ثم يدخله الجنة لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ١ ٢...". وهذا القول هو في مقابل قول المعتزلة ومن على رأيهم، "وهؤلاء يقولون: إن مرتكب المعصية القطعية الكبيرة يخلد في النار..." ٣.

واحتجت المعتزلة على مذهبها بآيات منها: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى} ٤. قال الشيخ رشيد عندها: "قال الأستاذ الإمام رحمه الله تعالى: واستدلت المعتزلة بالآية على إحباط الكبائر للأعمال الصالحة حتى كأنها لم تعمل، وأجيب عن الآية بأن المراد بها لا تبطلوا ثواب صدقاتكم، وبغير ذلك من التكلف الذي لا يُحتاج إليه، لأن الكلام في إحباط المن والأذى للفائدة المقصودة من الصدقة.." ٥. ثم قال الشيخ رشيد: "والذي تزعمه المعتزلة هو ان ارتكاب أي كبيرة من الكبائر يبطل جميع الأعمال الصالحة ويوجب الخلود في النار، فاستدلالهم بالآية على هذا إنما يدل على أنهم لم يفهموا هدى الله تعالى في كتابه.." ٦.

وبيّن الشيخ رشيد اضطراب أصحاب المذاهب والمقالات في فهم قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} فقال:"وقد اضطرب في فهم الآية على بلاغتها وظهورها أصحاب المقالات والمذاهب الذين جعلوا القرآن عضين فلم يأخذوا بجملته ويفسروا بعضه


١ سورة النساء، الآية (٤٨، ١١٦)
٢ تفسير المنار (٤/ ٤٣٢)
٣ نفس المصدر والصفحة.
٤ سورة البقرة، الآية (٢٦٤)
٥ تفسير المنار (٣/ ٦٥)
٦ المصدر نفسه والصفحة.

<<  <   >  >>