للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي منتصف القرن الثاني عشر الهجري = بدايات القرن السابع عشر الميلادي كانت حالة الدولة العثمانية قد بلغت أشد حالات فسادها بينما كانت أوروبا تتقدم في كل النواحي المدنية،. لذلك قام بعض المفكرين العثمانيين بالقول بضرورة الاستفادة من التقدم الغربي الأوروبي، لضمان المحافظة على وحدة الدولة العثمانية وعلى دوامها واستمرارها. ومن ثم أصبحت البلاد أمام بداية حركة إصلاحية تستلهم الغرب. وأول حركة إصلاحية بهذا المفهوم كانت في عهد السلطان "أحمد الثالث" ١. ويشكل هذا العهد ـ بحركته الإصلاحية ـ ابتداء نفوذ الثقافة الغربية في الدولة العثمانية. وأخذت الدول الأوروبية تكتسب في بلاد المسلمين ميادين للعلاقات الثقافية بجانب علاقاتها السياسية بالدولة ٢.

لذلك أخذت الدولة بإرسال السفراء إلى باريس وفيينا بقصد التعرف على أوروبة ٣. وتوالت محاولات السلاطين الإصلاحية في الدولة العثمانية، غير أن تشخيص المرض لم يكن صحيحاً، فلذلك لم يكن الدواء ناجعاً. لقد كان تشخيص رجال الدولة للفساد الحاصل على المستوى الثقافي والديني والسياسي، خاطئاً من الأساس، إن كل ما ساد تصوره وقتها إن الدولة العثمانية تهزم في الحروب، إذن فالوسيلة الوحيدة لإعادة البنيان تكمن ـ فقط ـ في إقامة جيش قوي ٤. لقد قام هذا الجيش ـ نفسه ـ بالتمرد على السلطان نتيجة إنشائه " جيشاً قوياً جديداً على النظام الأوروبي" ٥. وبقيت أحوال الدولة هكذا تتدهور من سيء إلى أسوأ، وحتى جاء عبد الحميد الثاني وحاول أن يصنع شيئاً، أخر به سقوط الدولة ثلاثين عاماً ٦.


١ انظر: ترجمته عند: إبراهيم حليم: الدولة العثمانية (ص١٥٨) وما بعدها، وانظر حركته الإصلاحية، عند: محمد حرب: السلطان عبد الحميد الثاني (ص١٧) .
٢ انظر: محمد حرب: مرجع سابق (ص١٧) .
٣ المصدر السابق: نفس الصفحة.
٤ انظر: محمد حرب: مرجع سابق (ص٢٠) .
٥ انظر: إبراهيم حليم: الدولة العثمانية (ص١٩٥) وما بعدها. ومحمد حرب: مرجع سابق (ص٢١) .
٦ انظر تفاصيل عمل عبد الحميد: عبد الحميد: مذكراتي السياسية (ص٥ـ ٧) . مقدمة محمد حرب، ط. مؤسسة الرسالة، الخامسة، ١٤٠٦هـ. وترجمته هناك (ص١١) ، ومحمد حرب: السلطان عبد الحميد (ص١٠٥) وما بعدها.

<<  <   >  >>