للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن المرض الحقيقي للدولة العلية لم يكن في جيشها الضعيف، ولكن كان في دينها، لقد استشرت العقيدة الماتريدية ١، في جسد الدولة وكذلك الأشعرية، والتي تعتبر الإنسان مجبوراً على عمله، ليس له فيه اختيار ٢، كما أنها تعتبر العمل ليس شرطاً في الإيمان مما يدعو المسلم إلى الركون إلى الأماني الكاذبة والأوهام البالية. كما أصيبت الدولة العلية كذلك بداء الصوفية، التي تغلغلت في أرجاء الدولة حتى وصلت إلى رأس الدولة العلية ٣. ولا ننكر أن يكون للأدواء الأخرى أثرها، إلا أننا نقول: إن هذا الداء هو أصل كل البلايا التي حلت بالدولة، وما بعده تبع له. وللأسف لم يلتفت أحدٌ للصوت الذي نادى باستلهام الشريعة في الإصلاحات الجديدة، فذهبت كل الإصلاحات أدراج الرياح.


١ نسبة إلى أبي منصور الماتريدي: انظر: بروكلمان: تاريخ الأدب العربي (٤/٤١ـ ٤٣) ، ط. دار المعارف ـ مصر. وطاش كبرى زاده: مفتاح السعادة (٢/١٥١ـ ١٥٢) ط. دار الكتب الحديثة، مصر.
٢ سيأتي الكلام على هذه المسائل في موضعها إن شاء الله تعالى
٣ انظر: عبد الحميد الثاني: مذكراتي (ص٣٠٦/ حاشية) ، ومحمد حرب: السلطان عبد الحميد (ص٩٠) .

<<  <   >  >>