للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان "التجنس بجنسية دولة غير إسلامية" نازلة من النوازل، فإننا ـ مع ذلك ـ لا بدّ أن نجد لها حكماً في كتاب الله ـ وكما يقول الشافعي ـ رحمه الله ـ "فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها" ١. فيقول الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} ٢.

حكم التجنس:

في ضوء الآية السابقة لا نستطيع أن نعطي المتجنسين بجنسيات الكفر حكماً واحداً، لأن حال المكره أو المضطر غير حال الراضي أو المختار، فمن المسلمين من دخل في جنسيات الكفر مكرهاً غير راضٍ بها كحال المسلمين الذين دخلوا في حكم الاتحاد السوفياتي قسرياً، وكالذين يفرون من الموت في دار الخوف إلى دار الأمان فراراً بدينهم وأرواحهم، فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يختارون هذه الجنسية حباً لها ورضى بها، وتفضيلاً لقانونها على شريعة الإسلام ٣.

ولقد سلك الشيخ رشيد هذا المسلك في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله، ففرق بين حال الاختيار وحال الاضطرار، وهما من باب واحد أي الحكم بغير ما أنزل الله والتحاكم، فليكن الأمر هنا كذلك، طرداً للباب


١ الشافعي: الرسالة (ص:٢٠) ط. دار الكتب العلمية. بيروت/ ت: أحمد شاكر.
٢ سورة النحل، الآيات (١٠٦ـ ١١٠)
٣ انظر: محمد بن عبد الله السبيل: مجلة المجمع الفقهي (٢/٤/ ١٦٤) ومحمد الشاذلي النيفر: المصدر نفسه (٢/٤/٢٣٧)

<<  <   >  >>