للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى الله ... وأما الآية الثانية فلم يكن الكلام فيها في أصل الكتاب الذي هو ركن الإيمان وترجمان الدين، بل في عقاب المعتدين على الأنفس أو الأعضاء بالعدل والمساواة، فمن لم يحكم بذلك فهو الظالم في حكمه كما هو ظاهر. وأما الآية الثالثة فهي في بيان هداية الإنجيل وأكثرها مواعظ وآداب وترغيب في إقامة الشريعة على الوجه الذي يطابق مراد الشارع وحكمته لا بحسب ظواهر الألفاظ فقط، فمن لم يحكم بهذه الهداية ممن خوطبوا بها فهم الفاسقون بالمعصية والخروج عن محيط تأديب الشريعة ... " ١.

وبناء على ذلك يخلص الشيخ رشيد رضا إلى الحكم الذي يراه صحيحاً في هذه المسألة، وهو تفصيل الأحوال، فيقول: "فالذين يتركون ما أنزل الله في كتابه من الأحكام من غير تأويل يعتقدون صحته فإنه يصدق عليهم ما قاله الله تعالى في الآيات الثلاث أو في بعضها، كل بحسب حاله: فمن أعرض عن الحكم بحد السرقة أو القذف أو الزنا غير مذعن له لاستقباحه إياه وتفضيل غيره من أوضاع البشر عليه فهو كافر قطعاً. ومن لم يحكم به لعلة أخرى فهو ظالم إن كان في ذلك إضاعة الحق أو ترك العدل والمساواة فيه، وإلا فهو فاسق فقط، إذ لفظ الفسق أعم هذا الألفاظ ... ٢ وهذا التفصيل في الحكم هو المذهب الموافق للسلف ٣ فلا نستطيع أن نصدر حكماً واحداً على الجميع أو في جميع الأحوال.


١ تفسير المنار (٦/ ٤٠٤ ـ ٤٠٥)
٢ المصدر نفسه.
٣ انظر: ابن القيم: مدارج السالكين (١/٣٦٦ ـ ٣٣٧) وابن أبي العز: شرح الطحاوية (ص:٤٤٦) ط. مؤسسة الرسالة، بيروت، الثالثة، ١٤٠٨هـ ومحمد بن إبراهيم: تحكيم القوانين (ص:٩ ـ ١٠) ط. الجامعة الإسلامية، ومحمد الأمين الشنقيطي: أضواء البيان (٢/١٠٤)

<<  <   >  >>