للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدل بالنهي في الحديث عن قول المملوك لسيده ربي ١. والصواب: أنه يمنع ما ورد به النص كهذا الاستعمال وما من شأنه ألا يقال إلا في الباري تعالى كلفظ الرب بالتعريف مطلقاً، ولفظ رب الناس، ورب المخلوقات، رب العالمين، وما أشبه ذلك" ٢.

المقارنة بين اسم "الرب" واسم "الآب":

ولم تسلم هذه المعاني العالية الشريفة من الاعتراض، فاعترض عليها أجهل الخلق بربهم وأسمائه وصفاته، وقالوا: إن المسلمين لم يعلمهم نبيهم من صفات الخالق إلا القهر والسلطان والغضب، وأن ربهم قد أوجب عليهم الفتح من أجل قهر الأمم لا من أجل تربيتها وترقيتها. بينما يدل اسم الآب على الرحمة والرأفة والعطف ٣. ويجيب الشيخ رشيد على هذا الاعتراض " السخيف" قائلاً: "وهذا الذي شرحناه يفند زعم بعض المتعصبين الغلاة في ذم الإسلام بالهوى الباطل أن رب المسلمين رب غضوب منتقم قهار، ودينهم دين رعب وخوف، بخلاف دين النصرانية الذي يسمي الرب أبا للإعلام بأنه يعامل عباده كمعاملة الأب لأولاده ... وثبت في الحديث الصحيح أن الرب أرحم بعباده من الأم بولدها الرضيع ٤ وأن جميع ما أودعه الله في قلوب خلقه من الرحمة جزء من مائة جزء من رحمته تبارك وتعالى.." ٥.

وكذلك فإن تكرار قوله تعالى {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في فاتحة الكتاب بعد قوله تعالى {.. رَبِّ الْعَالَمِينَ} لأن "البعض يفهم من معنى الرب الجبروت والقهر فأراد الله تعالى أن يذكرهم برحمته وإحسانه، ليجمعوا بين


١ مسلم: الصحيح: ك: الألفاظ من الأدب وغيرها، ح: ١٤ (٢٢٤٩) [٤/ ١٧٦٤] وانظر: النووي شرح مسلم (١٥/ ٦ـ ٧)
٢ تفسير المنار (١/ ٥٣ ـ ٥٤)
٣ انظر: تفسير المنار (١/ ١٢)
٤ البخاري: الصحيح: ك: الأدب، باب: رحمة الولد وتقبيله ... ح:٥٩٩٩ (١٠/ ٤٤٠)
٥ تفسير المنار (١/ ٧٦)

<<  <   >  >>